للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بقدر مسترفداً بل لعلك ترى أنه يهدف إلى مرمى أكبر من العطاء. أنصت إليه:

وغير كثير أن يزورك راجل ... فيرجع ملكا للعراقيين واليا

فقد تهب الجيش الذي جاء غازيا ... لسائلك الفرد الذي جاء عافياً

ألم أقل لك أنه شاعر طموح؟

وهذه النغمة لا تقف عند هذه القصيدة بل تطرد في كل قصائده التي نسميها (الكافوريات) وإليك الشاهد:

قالوا هجرت أليه الغيث قلت لهم ... إلى غيوث يديه والشآبيب

إلى الذي تهب الدولات راحته ... ولا يمن على آثار موهوب

وهبت على مقدار كفي زماننا ... ونفسي على مقدار كفيك تطلب

إذا لم تنط بي ضيعة أو ولاية ... فجودك يكسوني وشغلك يسلب

فارم بي ما أردت مني فإني ... أسد القلب آدمي الرواء

وفؤادي من الملوك وإن كا ... ن لساني يرى من الشعراء

أصح عندك ما أقول؟

إن المتنبي هنا في مصر يمدح لينال. . . ينال مالا وينال جاها. إنه يرى نفسه من الملوك وإن رأته الدنيا شاعراً.

ونلاحظ في كافوريات المتنبي أنه حينما يمدح كافوراً فإنما هو مدح كالذم.

بنى كافور دارا بازاء الجامح الأعلى على البركة وطلب من أبي الطيب أن يذكرها فقال يهنئه بها:

مستقل لك الديار ولو كا ... ن نجوما آجر هذا البناء

إنما يفخر الحريم أبو المس ... ك بما يبتني من العلياء

أتظن أنه يستقل له الديار حقيقة؟ إني أحسبه يتهاتف عليه في سره حين طلب منه أن يذكر داراً وقد عوده سيف الدولة أن يسجل أفضالا وإلا فما معنى قوله في البيت الثاني:

إنما يفخر الحريم أبو المس ... ك بما يبتني من العلياء

ألست ترى معي أنه يعرض له أن الفخر إنما يكون بما يكسب حمدا أو يخلد مجداً؟

الفخر بالعلياء لا بالبناء. هذا هو رده على طلب كافور.

<<  <  ج:
ص:  >  >>