. . . قرأت مقالكم (حج غير مبرر) فأوافقك في جانب منه كل الموافقة ويوافقك معي كل من في قلبه قدر من الأيمان - وأخالفك في جانب أخر كل المخالفة ويخالفك معي كثير.
فأما ما أوافقكم عليه، فهو إنكار ما يفعله ذلك الفاسق الفاجر وتقبيح ما يأتيه، وتنفير المسلمين من أمثاله، وتنبيه أولي الأمر على الضرب على يده.
وأما ما أخالفكم عليه، فتجاهلكم الحديث شاع على السنة المسلمين في شتى العصور والأمصار، وأعتز به كل مؤمن وسكن إليه قلبه، وروته كتب الحديث الكبيرة وغير الكبيرة. ألا وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه). رواه البخاري ومسلم والدارقطني وغيرهم كثير مع اختلاف يسير في اللفظ واتفاق في المعنى.
ويرى أبن حجر أن المغفرة بسبب الحج عامة لكل الذنوب. وخصصها الطبري في تفسيره بالمظالم التي تاب عنها صاحبها وعجز عن وفائها. ورأى الترمذي قصرها على حقوق الله خاصة.
ولو كنتم فضلتم رأياً على رأي مما ذكرنا، ما رأينا بأسا قط؛ ولكنكم يا مولاي قلتم:(أغتر على ما يظهر بقول المتزيدين من جهلة الشيوخ: إن الحج وحده يمحص الذنوب ويمحو الخطايا. . . فيعود منها وهو نفي الصحيفة كيوم ولدته أمه) فمن هم الشيوخ الذين تقصد؟ الأزهريون أم أبن حجر ومن ذهب مذهبه؟ طبعا الأزهريون - وما الذي تزيدوه؟ لم يتزيدوا شيئا اللهم إلا أيثار وجهة على وجهة، وزيادة الرجاء في عفو الله.
وأخشى ما أخشاه أن يتجرا من لا صلة له بالدين على إنكار ما لا يوافق مزاجه من الأحاديث وأراء العلماء استنادا على ما فهم أو ما دلت عليه عبارتكم من إنكار حديث سلم به المسلمون ولهجوا به في مشارق الأرض ومغاربها.