للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبصر الطائر العزيز يغني ... في الأعالي بقلبه النشوان

فرمى قلبه بسهم رهيب ... مستطار من قوس الرنان!

فهوى مسبل الجناح، يعاني ... من جراح بقلبه ما يعاني

فهفت نحوه الطيور، وناحت ... إذ رأت جرحه عميق المكان!

وانحنت فوقه، وطارت به تس ... عى إلى عشه الجميل الحاني

وأست جرحه بوحي هواها ... والهوى بلسم الجريح العاني

ومضت حقبة، فصار كما كا ... نت تراه في سالف الأزمان

فاستفاض السرور في كل قلبٍ ... وتعالى الفناء في المهرجان

جملت عشه بزهر ندى ... أنبتته له روابي الجنان

ثم قالت له: ليهنك. رنمِّ ... بالأغاني في ظل تلك المغاني

ثم حلق في كل أفق جميل ... يتلقاك بالسنا الفتان

هكذا قالت الطيور، ولكن ... رنَّ صوت الغناء في الوجدان!

رفع الطائر العزيز جناحاً ... فارتمى عاجزاً عن الطيران!

قلَّبته فما رأت غير جسم ... غادرته الحياة منذ ثوان!

لمحة وانطوت حياة تروَّى ... كل حي من نبعها الريان!

والذي لم يسعه كون رحيب ... دفنوه في حفرة بمكان!

والذي عاش في الحياة طليقاً ... جعلوا قيده من الأكفان!

أيها الطائر العزيز وداعاً ... بل لقاء في عالم غير فان

يا رفيقي الذي عرفت هواه ... حين كان الشباب في الريعان

وبقلبي سقيته صفو ورودي ... وبأصفى مما سقيت سقاني

أبعدتني عنك الحياة، وكنا ... نتلاقى في أكثر الأحيان

فتصبرت حين قلت لنفسي: ... عن قريب يكون يوم التداني

وطواك الفناء، فاليوم أطوي ... ما بقلبي من أمنيات حسان!

ليت هذا الفناء لم يدع يوماً ... شخصك المفتدى، وكان دعاني

ما له يؤثر البقاء لنفس ... لا ترى في البقاء غير الهوان؟!

<<  <  ج:
ص:  >  >>