ولما وصلت سجاح إلى الحزن أرض بني يربوع واتفقت مع مالك بن نويرة والتحق بها وكيع بن مالك شرع مالك ينفذ خطته ليرأس بني تميم، فبدأ بقتال الرباب وعوف والأبناء، فلم يظفر بهم بل دارت الدائرة عليه وعلى سجاح، فوقع وكيع أسيراً بيد الرباب. وأرادت سجاح أن تجرب حظها مع بهدي وخضم من شعب بني عمر فكان نصيبها الخيبة أيضاً. فلما لم تظفر بطائل تركت مالكاً وانسحبت برجالها من بلاد بني تميم وسارت إلى اليمامة.
هذا هو الموقف حين كان خالد يجول ويصول في بلاد بني أسد ولم يكن يجهله، لذلك لم يكد ينتهي من أمر بني أسد حتى تراه قد انتهز الفرصة وأمر جيشه بالمسير إلى أرض بني تميم دون أن ينتظر أمراً من الخليفة، وهكذا نراه يستعمل إبداعه ويسير جيشه نحو البطاح برغم مخالفة الأنصار له مدعين أن عهد الخليفة إليهم أن يقيموا بعد فراعهم من بزاخة إلى أن يكتب إليهم. إلا إن خالداً تقدم نحو البطاح قائلاً لهم إنه هو الأمير وإليه تنتهي الأخبار وإن لم يأته أمر الخليفة، فانه لا يريد أن يضيع الفرصة ما دام مالك بن نويرة بحياله. وشعب بني تميم نافرة منه. لذلك لم يتردد خالد في الذهاب إليه من دون الأنصار.
والواقع أن مالك بن نويرة بقى وحيداً بين بني تميم، لأن صفوان بن صفوان كان قد أرسل الصدقات إلى المدينة وكذلك الزبرقان، أما قيس بن عاصم فكان عليه، وكذلك وكيع بن مالك لما سمع بانتصارات خالد أرسل صدقات بني حنظلة إليه. فبقى مالك حائراً ماذا يعمل، وكان بالبطاح مع رجاله من بني يربوع، والبطاح أرض دون الحزن، وهي ذات مراتع خصبة وفيها مياه كثيرة، فالقصيبة والبريدة من مواقعها.
وندم الأنصار على تخلفهم لأنهم خشوا أن تصيب المسلمين مصيبة فيلاموا عليها، فأوفدوا رسولاً إلى خالد يطلبون منه الإقامة إلى أن يلحقوا به، فأقام خالد حتى لحقوا به فسار إلى البطاح. والروايات غير متفقة في أمر مالك بن نويرة. ومن الروايات ما تزعم أن مالكاً قاتل المسلمين برجاله من بني يربوع فقتل في القتال. ومنها ما يزعم أنه لما تأكد من الخيبة فرق رجاله وأمرهم بألا يقاتلوا المسلمين ورجع إلى منزله، ولما قدم خالد البطاح بث أربع سرايا إلى جهات مختلفة، فرجعت السرية التي كان يقودها أبو قتادة الأنصاري بمالك والبعض من رجاله.