تعتبر آراؤه إنجيلاً للمربين الأمريكيين. وخلاصة آرائه: أن العلم والمعرفة يجب أن ينتزعا من الحياة، وأن لا علم إلا إذا جاء عن طريق ممارسة العمل ومزاولة الأمور العملية. وهذه الأسس التي يعبر عنها (بطريق الشروع) القائمة في علم النفس على (المحاولة والخطأ). وقد يهزأ الأوربيون بهذه النظريات العملية، وهذا النوع من التربية. ولكنهم ينسون أن تربية النشء وفق هذه الأصول تكون عندهم قوة الإرادة وصحة الحكم على الأشياء. ومن أهم المبادئ المعمول بها في أمريكا لتربية النشء اعتبار الشباب وفرديته في مرتبة لا تقل عن مقام المعلم وعلمه. وكثيراً ما ينعى علماء التربية الأمريكيون على زملائهم في أوروبا التسرع في الحكم بأن الطفل له شخصية أقل خطراً من شخصية الرجل المكتمل الرجولة. ولكن علماء التربية الأوربيون يقولون هم الآخرون بأن الآراء الأمريكية تحوي جرثومة تهدد نظام التربية والتعليم من أساسه، كما أن تلك الآراء تعمل على إضعاف مركز المربي في نظر النشء وإضعاف الثقة به. ولكن الأمريكيين يقولون أن المسألة عكس ذلك تماماً. ثم إذا نظرنا إلى المدارس الأمريكية على اختلاف أنواعها، ولاحظنا تباين الأعمار في الفصول، حكمنا بأن النظام كما يفهمه الأوروبيون ليس له أثر ملموس في هذه المدارس. وكثيراً ما قال المربون الأوروبيون عند أول مشاهداتهم للشباب الأمريكي:(يا لها من فوضى!) إذ يجدون الطلبة هنالك بتوجهون بكلياتهم إلى شخص الأستاذ، أما اهتمامهم بدرسه فأمر ثانوي لديهم. ولهذا نجد بين الأساتذة والطلبة علاقة ألفة قد تبدو أشبه بالصداقة التي يضيع معها كل نظام، ولعل السر الذي يفسر لنا تلك الألفة هو أن ٩٠ % من مجموع المعلمين في المدارس الأولية والابتدائية والثانوية في كافة البلاد الأمريكية نساء. ولا يعوق المعلمة عملها لو أن لها زوجاً وكانت في مقتبل العمر. ثم هنالك ظاهرة غريبة أخرى قد لا نجد لها مثيلاً في أي بلد أوروبي، تلك هي اعتبار المدرسة والكلية مزرعة يتعهد فيها المدرسون بتربية الألفة والصداقة بين كل أفراد الشباب، ولا زالت الكليات الأمريكية برغم ما وجه إليها من نقد محافظة كل المحافظة على حياة الأخوة بين الطلاب، مانعة كل المنع تسرب دخلاء إلى حظيرة الشباب، وحتى في المدارس الابتدائية يتدرب الأطفال على معيشة أخوية كاملة المظهر، لا يعنى فيها بإتباع طريقة شحن الذهن بالعلوم.
والواقع أن المثل الأعلى وطابع التربية عند الأمريكيين هو جعل التعليم المثالي عملياً