أعتبر محاولة شغل الرأي العام بهذه المهزلة جريمة لا تغتفر في حق وطننا المنكوب. . فهل انتهت مصر بعد من تحقيق أعز أمانيها: الجلاء الخالص والوحدة الصادقة، حتى نشغل أنفسنا بحقوق المرأة السياسية، وتفسح صحافتنا السيارة - باستثناء الرسالة المحترمة - صدرها لمبارزة الفريقين المؤيد والمناهض، فتشعل بذلك معركة صاخبة يتلاشى في صخبها أعز الأماني وأطيب الآمال؟
إن المستعمر الغاصب بخير ما دام الرأي العام في مصر مصروفا عما يزلزل أقدامه ويقلق كيانه، ومشغولا بالجدل الممل المتعب في سفساف الأمور، وصغار القضايا، وتوافه المسائل. .
إننا نريد أولا تحقيق الجلاء التام الناجز عن وادي النيل حتى تطهر أرضه من رجس الاحتلال البغيض، وتحقيق الوحدة لشعبه حتى تعتمد على دعائم من الحق والقوة، والحرية والأخوة، وبعد تحقيق هاتين الأمنيتين تحقيقا صادقا لا زيف فيه ولا التواء، يجوز لنا أن نبحث ونجادل في مسألة حقوق المرأة السياسية وغيرها ما دام في ذلك خير يعود على الوطن العزيز.
إن من الحزم والإخلاص لوطننا أن نترك هذه الأمور اليوم، حتى ننتهي مما هو أهم وأحق، ويجب أن نفهم أن الرأي العام العربي يسخر اليوم منا، لأننا نسخر هممنا في توافه الأمور التي يمكن أن نستغني عنها قليلا، تاركين المهام التي تصون عزتنا، وتحوط كرامتنا بالمهابة والإجلال، وتسبغ على وجودنا وكياننا جوا من العظمة والتقدير!
فمتى يفهم هذا جيدا أشياع الفريقين المتناضلين؟ متى يتقون الله في دينهم ووطنهم؟