- يشهد هذا البدر المنير، وهذا الروض النضير، ويشهد مبدعهما أنني لا أحب سواك، ولا أقف حياتي إلا عليك.
وسمع من بعد وقع أقدام فذعر العاشقان، وتواعدا إلى الغد. وتسلق الشاب جدران الحديقة العالية وتوارى مبتعدا في الشارع وهو يناجي نفسه قائلا: من تكون يا ترى هذه الفتاة التي تقف حياتها على، وما أنا إلا ممثل على المسارح العمومية؟ إن كل ما يتجلى لي فيها ينم عن محتد رفيع وثقافة عالية. لقد أرادت أن تخفي اسمها عني فقالت: ما دمت في مدرسة الدير تلميذة أتلقن العلم فما أنا إلا أسيرة لا أملك نفسي، فاقنع بما أعلنته لك من حبي الآن إلى أن أبرح هذا المكان فأطلعك على الحقيقة وأسلمك يدي أمام الله والناس.
وكان الفتى فلوريدور يستعيد ذكرى اليوم الذي رأى فيه لأول مرة هذه الغادة الفاتنة تطل من نافذة الدير وترسل إليه نظرة أو قدت جذوة الغرام في قلبه. وتابع السير حتى وصل إلى غرفته الحقيرة حيث تطرح على سريره أملا زيارة طيف الحبيبة في منامه.
وعاد الفتى في المساء التالي إلى مكان الملتقى، وبات ينتظر موافاة الحبيبة فأخفقت آماله؛ وعاود الكرة مرارا فما رأى في جنة غرامه غير أزهارها، وما نشق غير عبيرها. ومرت الليالي فتيقن العاشق أن سره قد افتضح، وتأكد أن الحبيبة قد غادرت الدير وعبثا فتش عنها فما عثر لها على أثر.
- ٢ -
ومرت على العاشق أيام ساعاتها أعوام، وهو يشغل نفسه بالتمثيل على المسارح، وفي قلبه غصص من تذكارات الفتاة المجهولة وفي ذات ليلة كان فوريدور يقوم بتمثيل دور مؤثر