للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على تحقيقها. . فما هو القدر المشترك الذي يجب أن نوفره لكافة الأفراد؟ عندي أنه لابد أولاً مراعاة طاقة الدولة وإمكانياتها، وأظنكم تعلمون أن مدارس الرحلة الأولى عندنا تضم مليونا وربع مليون من الأطفال، وأن ثلاث ملايين لا تتسع لهم هذه المدارس، وأن عندنا في التعليم الثانوي مائة وخمسين ألف طالب، وفي الجامعات أربعين ألف طالب. وننفق على هؤلاء ٢٧ مليون جنيه كل عام!

فإذا أردنا أن نعلم ثلاثة الملايين من الأطفال الذين لم تتسع لهم المدارس بعد فسنحتاج إلى ثمانين أو تسعين مليونا من الجنيهات، فكيف إذا أردنا أن نرفع سن المرحلة الأولى حتى نهاية التعلم الثانوي؟ وكيف إذا أنشأنا الجامعات تباعاً في مختلف عواصم البلاد؟

يجب أن ننظر طويلاً في طاقتنا وإمكانياتنا، وألا نسرع بإنشاء المدارس الفجة المبتسرة الناقصة الاستعداد، يجب ألا تكون سياستنا التعليمية من ساعة لساعة أو من يوم ليوم؛ وإنما يجب أن ننظر إلى المستقبل البعيد، وما عدا ذلك فهو خيال ليس المقصود بالتظاهر به إلا خداع الأمة! وأجاهر بأننا لو استطعنا أن نحقق هذا القدر من التعليم لجميع المصريين في عشر سنوات لكان نجاحاً كبيراً.

ويجب ألا يصرفنا هدف عن هدف، فتقتصر جهودنا على تعميم المرحلة الأولى ولا يصرفنا عنها التعليم الثانوي مثلا، فإن الطاقة لا تحمل الأمرين معا، ويجب أن يكون التدرج في نشر التعليم تدرجاً هرمياً قاعدته المرحلة الأولى وقمته مرحلة الجامعات، كما في إنجلترا مثلا حيث تجدون في المرحلة الأولى ٦. ٥ مليون، وفي مرحلة التعليم الثانوي نصف مليون أو اكثر قليلاً، وفي الجامعات خمسين ألفاً فقط! وأحب أن أشير إلى أمرين خطيرين: أولهما أن المدرسة الثانوية ليست وظيفتها أن تعد للجامعة فقط؛ ولكنها تعد رجالا مكونين تكوينا اجتماعيا وروحيا وعلميا يجعلهم عنصراً صالحا للحياة. وثانيهما إن التعليم الجامعي يجب أن يراعى فيه الكيف دون الكم، والبلاد التي تقدم الكم على الكيف في التعليم الجامعي إنما هي بلاد تنتحر! فلن يكون التعليم جامعياً حقا إلا بالتفاعل بين الأستاذ والطالب، ولن يكون هذا التفاعل إلا إذا كان عدد الطلاب بالقدر الذي يتمكن معه الأساتذة من هذا التفاعل، وإلا إذا كان الأساتذة أنفسهم معدين أحسن إعداد.

ثقافتنا النسوية في العهد الجديد

<<  <  ج:
ص:  >  >>