وأخرجه البخاري في " تاريخه " ١/ ٣٩ عن سعيد بن يحيى، حدثنا أبي، حدثنا بريد، عن أبي بردة، عن رجل من الأنصار، عن أبيه مرفوعاً. وأخرجه ١/ ٣٩ - ٤٠ عن علي، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا مسعر، حدثني علي بن مدرك، عن أبي بردة، حدثني رجل من الأنصار، عن بعض أهله يرفعه: " هذه أمة مرحومة ... ". قال البخاري بعد أن ذكر طرق الحديث السالفة: ألفاظهم مختلفة إلاَّ أن المعنى قريب، والخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة وأن قوماً يعذبون ثم يخرجون أكثر وأبين وأشهر. قلت: وهذا التعليل من الإمام البخاري رحمه الله دال على نكارة متنه لمخالفته للأحاديث الصحيحة الكثيرة التي مفادها أن عدداً غيرُ قليل من هذه الأمة يدخل النار يوم القيامة، ويعذب فيها، ثم يخرجون منها بالشفاعة. فمن التهور البالغ أن تجد بعض من ينتحل صناعة الحديث في عصرنا يُصحح مثل هذا المتن الظاهر النكارة بالاعتماد على طرقٍ مضطربة في " صحيحته " (٩٥٩) غير مبال بما يستلزم ذلك من رد أحاديث كثيرة في " الصحيحين " وغيرهما شبه متواترة وكان الأولى به -وهو الذي يُصِرُّ على أن يُؤْخَذَ كل علم عن أهله- أن يأخذ بقول الإمام البخاري المُسَلَّم له في هذه الصنعة، ولا أريد أن أصفه بما يصف به غيره ... ، فإن البواعث والنيات لا يطلع عليها إلا رب العالمين العالم بالخفيات، ولكن أحب أن أنصح طلبة العلم بأن يتوقفوا في الأخذ بما ينفرد بتصحيحه أو تضعيفه من الأحاديث، وأن يدرسوها دراسة وافية متأنية، ويستعينوا بمقالات أهل العلم قديماً وحديثاً، فإنهم سينتهون حتماً إلى مخالفته في كثير مما قاله، وعند ذلك سيعلمون حق العلم موقعَهُ من هذا الفن، وأن تلك الألقاب التي خلعها عليه بعضُ =