للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسيف (١)، وعند المعتزلي أن القادر على ما يشاء، اللطيف لما يشاء ما قَدَرَ أن يُصلِحَ بين اثنين، ويُؤَلِّف بين قلوبهما من جميع المختلفين، وأن هذا هو القول العدل، وأن أهل السنة كفروا لعدم مشاركتهم في هذه الضلالة، فالله المستعان.

الوجه الثاني: أن معنى الآيتين: أن الله تعالى لا يريد لهم ظلماً منه -عز وجل عن ذلك- لوجهين.

أحدهما: أنه عدى الظلم باللام إلى جميع العباد، ونفي إرادة إيقاعه على هذه الصفة لا يصح إلاَّ من الله ليميز الفاعل من المفعول، ولو أراد ما فهمت المعتزلة لقال: إن الله لا يريد الظلم فقط، سلمنا أنه يصح تعدية الإرادة إلى مفعول ثانٍ، لكن بغير اللام، فكان يقول: لا يريد ظلماً بين العباد أو منهم.

الثاني: أن هذه الجملة معطوفة بالواو، وذلك يوجب التناسب، والمتقدمُ في الآيتين معاً ذكر عقاب الله لعباده، وذلك ما يناسبه التنزُّه عن ظلمه لهم، ولم يتقدم ما يناسب ما ذكروه، وقد اعترف الخصم في تفسيره بأن هذا المعنى محتمل في الآية، فثبت أنه ليس في الآية ما ظاهره مذهب المعتزلة ولا ما يجب


= سعيد بن مسلمة الأموي وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان وقال: يخطىء، وبقية رجاله ثقات.
(١) أخرج الخطيب في " تاريخه " ١/ ٣١٧ من طريق محمد بن أحمد بن عيسى بن عبدك، أنبانا محمد بن أيوب -وهو ابن الضريس الرازي- عن محمود بن غيلان، حدثنا المؤمل، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن نصر بن عاصم، عن عقبة بن مالك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " عقوبة هذه الأمة بالسيف ". والمؤمل -وهو ابن إسماعيل البصري- سيىء الحفظ. وباقي رجاله ثقات.
وأخرج الطبراني في " الكبير " -كما في " مجمع الزوائد "- من طريق أبي بردة قال: خرجت من عند عُبيد الله بن زياد، فرأيته يُعاقب عقوبة شديدة، فجلست إلى رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " عقوبة هذه الأمة بالسيف ". وقال الهيثمي ٧/ ٢٢٤ - ٢٢٥: ورجاله رجال الصحيح!

<<  <  ج: ص:  >  >>