للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأويله عند أهل السنة.

النوع الثالث من شُبَهِهم: دخولُ " لعل " على كل ما طلبه الله تعالى بالأمر مما يحبه ويرضاه كقوله: {لَعَلَّهُم يَذَّكَّرونَ} [الأعراف: ١٣٠] والجواب من وجهين:

الأول: أنه لا بد من تأويل الظاهر منها على مذهب المعتزلة، فلم يكن لهم فيها إلاَّ مثل ما لأهل السنة على الجهد.

بيانه: أن " لعلَّ " في أصل وضعها (١) للترجي، وهو معنىً يُنافي علم الغيب، فالمعتزلة تقدِّر معها إرادة ما لا يقع، وهي أيضاً تُنافي علم الغيب كما مر تقريره، وأهل السنة يقدِّرون معها الطلب بالأمر، ولهم أن يُقَدِّروا المحبة والرضا، بل لهم أن يُقَدِّروا الإرادة التي بمعنى أحد هذه الأمور، أعني: الطلب، أو المحبة، أو الرضا، أو مجموعها، ويكون إطلاق الإرادة على ذلك حقيقة عرفية أو مجازاً قريباً، وتأويلهم أولى، لأنه لا ينافي علم الغيب.

وقد تَرِدُ " لَعَلَّ " لغير الترجِّي كما في قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} [هود: ١٢] فيجوز حمل ذلك على مثل هذا.

ومن هذا النوع دخول لام " كي " كذلك.

والجواب أن أهل السنة يقدرون معه ما لا ينافي علم الغيب من الطلب والمحبة والرضا والإرادة التي تَعَلَّقُ (٢) بمعنى هذه المعاني كما تقدم دون إرادة الوقوع التي تختصُّ بفعل المريد، ولا تتعلق إلاَّ بالمتجدد الواقع من الممكنات، فتخصِّصه بوجهٍ دون وجهٍ، ووقتٍ دون وقت، وقدرٍ دون قدر كما قدمناه.


(١) من قوله: " فلم يكن " إلى هنا ساقط من (ش).
(٢) ساقطة من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>