من الشروط، وفي مقدمتها: أن يؤمنوا في النفس والمال، وأن يحتفظوا بدينهم وشريعتهم وعوائدهم. وهكذا سلّمت بسطة، ودخلها النصارى في (العاشر من محرم ٨٩٥ هـ - أوائل كانون الأول - ديسمبر ١٤٨٩ م) وغادرها معظم أهلها إلى وادي آش، حاملين ما استطاعوا من أمتعتهم وأموالهم، وهرعت جميع الحصون والمحلات القريبة إلى التسليم والدخول في طاعة ملك النصارى، وسلّمت ألمرية بعد ذلك بقليل (ربيع الأول - شباط - فبراير ١٤٩٠ م)، ومنحت للتسليم شروطاً خلاصتها: أن يحتفظ المسلمون بدينهم وشريعتهم وأموالهم، وأن تخفّف عنهم أعباء الضرائب، وألا يولّى عليهم يهودي، وألاّ يدخل في "الجماعة"، وأن يختار الأولاد الذين يولدون من أمهات من النصارى لأنفسهم الدين الذي يريدون عند البلوغ، وغير ذلك من المنح المغرية الخادعة التي بذلت لسائر البلاد المسلمة المستولى عليها. وهكذا بسط فرديناند سلطانه على قواعد الأندلس الشرقية كلها من البحر إلى الشمال، ولم يبق خارجاً عن طاعته غير وادي آش مقر مولاي الزغل.
ولم تمض أسابيع قلائل، حتى أثمرت خيانة يحيى النيار ثمرتها لدى صهره أبي عبد الله الزغل، فسارع بدوره إلى الانضواء تحت لواء النصارى، وكان الزغل منذ التجأ إلى وادي آش، يرقب سير الحوادث بجزع، ويرى قواعد الأندلس تسقط بالتعاقب، دون أن ينجدها منجد، ويرى أمل الإنقاذ يخبو تباعاً. فلما سقطت بسطة آخر القواعد التي يسيطر عليها، واتجه النصارى نحو آش معقله الوحيد الباقي، ورأى بالرغم من شجاعته وبسالته أنه يغالب المستحيل، وأن جيوش النصارى تحيط به من كل صوب، اعتزم أمره، وسار إلى معسكر ملك النصارى يعرض عليه طاعته، والانضواء تحت لوائه، فأجاب فرديناند إلى مطالبه، وبايعه الزغل وسائر قادته بالخضوع والطاعة، ودخل النصارى مدينة وادي آش (في أوائل صفر سنة ٨٩٥ هـ - ٣٠ كانون الأول ديسمبر ١٤٨٩ م). وعقد الزغل مع ملكي قشتالة معاهدة سرية على غرار المعاهدة التي عقدها صهره يحيى، ونصّ فيها على طائفة من المنح