للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طريقًا من الطرق المثبتة للحقِّ إلا وفي شرعه (١) سبيلٌ للدلالة عليها. وهل يُظَنُّ بالشريعة الكاملة خلافُ ذلك؟

ولا نقول: إن السياسة العادلة مخالفة للشريعة الكاملة، بل هي جزء من أجزائها، وباب من أبوابها. وتسميتها «سياسة» أمر اصطلاحي، وإلا فإذا كانت عدلًا فهي من الشرع. فقد حبَس رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في تهمة، وعاقَب في تهمة لما ظهرت أمارات الريبة على المتَّهَم (٢). فمن أطلق كلَّ متَّهَم، وخلَّى سبيله، أو حلَّفه، مع علمه باشتهاره بالفساد في الأرض، ونَقْبِ الدور، وتواترِ السرقات ــ ولا سيما وجودُ المسروق (٣) معه ــ وقال: لا آخذه إلا بشاهدَي عدل، أو إقرارِ اختيارٍ وطَوعٍ= فقولُه مخالفٌ للسياسة الشرعية.

وكذلك منعُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الغالَّ من الغنيمة سهمَه (٤)، وتحريقُ الخلفاء الراشدين متاعَه (٥)، ومنعُ المسيء على أميره سَلَبَ قتيله (٦)، وأخذُه شطرَ


(١) ك: «وهي شرعه»، تصحف «في» إلى «هي»، فأثبتوا في الطبعات القديمة: «وهي شِرْعة وسبيل»، أصلحوا بزيادة الواو. وفي المطبوع: «وفي شِرْعة سبيل». والصواب ما أثبت.
(٢) رواه أحمد (٢٠٠١٩)، وأبو داود (٣٦٣٠)، والترمذي (١٤١٧)، والنسائي (٤٨٧٥)، من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. وصححه الحاكم (٤/ ١١٤)، والمؤلف في «الزاد» (٥/ ٥)، وحسنه الألباني في «الإرواء» (٢٣٩٧).
(٣) في المطبوع: «مع وجود المسروق».
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) تقدم أيضًا.