ومن السورة التي يذكر فيها
إبراهيم عليه السلام
- وقوله تَعَالَى: {صِرَاطَ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ}.
قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالِاسْتِئْنَافِ، لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهَا رَأْسُ آيَةٍ، وَسُمِّيَتِ الْآيَةُ لِأَنَّهَا قِطْعَةٌ مُنْفَصِلَةٌ مِنَ الْأُخْرَى.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ جَرًّا، لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الْحَمِيدِ وَنَعْتٌ لَهُ، فَالْحُذَّاقُ مِنَ النَّحْوِيِّينَ لَا يُسَمُّونَهُ نَعْتًا، لِأَنَّ النَّعْتَ فِي الْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ حِيلَةٌ كَقَوْلِهِ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ الظَّرِيفِ، فَإِنْ قُلْتَ:
مَرَرْتُ بِالظَّرِيفِ زَيْدٍ كَانَ بَدَلًا وَلَمْ يَكُنْ نَعْتًا، وَكَانَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ يَذْهَبُ إِلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ بِالْخَفْضِ إِذَا وَقَفَ عَلَى الْحَمِيدِ أَنْ يَبْتَدِي اللَّهُ بِالرَّفْعِ، وَيَحْكِي ذَلِكَ عَنْ نُصَيْرٍ صَاحِبِ الْكِسَائِيِّ، وَقَالَ: الِابْتِدَاءُ بِالْخَفْضِ قَبِيحٌ، وَذَلِكَ غَلَطٌ مِنْهُ، لِأَنَّ الْوَقْفَ وَالِابْتِدَاءُ لَا يُوجِبُ تَغْيِيرَ إِعْرَابٍ إِذْ لَوْ كَانَ كَمَا زَعَمَ لَوَجَبَ عَلَى مَنْ وَقَفَ عَلَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أَنْ يَبْتَدِئَ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا.
- قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}.
قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ «خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» عَلَى فَاعِلٍ إِضَافَةً إِلَى السَّمَاوَاتِ، الأرض نَسَقٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَرَأَ قَارِئٌ «وَالْأَرْضُ» بِالنَّصْبِ لَجَازَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ:
خَالِقٌ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَجَاعِلُ {اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا}. وَلَكِنْ لَا يُقْرَأُ بِهِ، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ قِيَاسًا.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «خَلَقَ» فِعْلًا مَاضِيًا وَ «السَّمَاوَاتِ» نَصْبٌ فِي الْمَعْنَى جَرٌّ فِي اللَّفْظِ، لِأَنَّ التَّاءَ غَيْرُ أَصْلِيَّةٍ و «الأرض» نسق على «السماوات».
- قوله تعالى: {وما أنتم بمصرخي}.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ، فَمَنْ فَتَحَ الْيَاءَ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ، فَلِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بِمُصْرِخِينِي فَذَهَبَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ وَأُدْغِمَتْ يَاءُ الْجَمْعِ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ كَمَا تَقُولُ «لَدَيَّ» وَ «عَلَيَّ» وَمَرَرْتُ بِمُسْلِمِينَ فَإِذَا أَضَفْتَهُمْ إِلَى نَفْسِكَ قُلْتَ بِمُسْلِمِيَّ، وَأَسْقَطْتَ النُّونَ.
أَمَّا حَمْزَةُ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّحْوِيِّينَ يُلَحِّنُونَهُ وَلَيْسَ لَاحِنًا عِنْدَنَا، لِأَنَّ الْيَاءَ حَرَكَتُهَا حركة