للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة الفرقان]

قوله تَعَالى: {يَأْكُلُ مِنْهَا}.

قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ بالنُّون. وقرأ الباقون بالياء. فمن قرأ بالنون أخبر المتكلم عَنْ نفسه مَعَ جماعة.

ومن قرأ بالياء أخبرَ الله تَعَالى عَنْ غائبٍ مفردٍ، وهو الاختيارُ، لأنّ الله تَعَالى خصَّ بالخطابِ رجلًا فَقَالَ: «إنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ» ولم يَقُل: لَكُمْ. والقِرَاءَتَانِ صَحِيْحَتَانِ.

وقولُه تَعَالى: {وَيَجْعَلَ لَكَ قُصُورًا}.

قرأ ابنُ كثيرٍ وعاصمٌ فِيْ روايةِ أبي بكرٍ، وابنُ عامرٍ: «ويَجْعَلُ لَكَ قُصُوْرًا» بالرَّفعِ عَلَى الاستئناف.

وقرأ الباقون: «وَيَجْعَلْ لَكَ» جَزْمًا عَلَى الشَّرْطِ‍ الذي قبله نَسَقٌ، لأنَّ موضعَ «إنْ شَاَء» جزمٌ لو كان مستقبلًا، والتقدير: إن يشأ يجعل، ف‍ «إن» حرفُ شرطٍ‍، و «شاءَ» فعلٌ ماضٍ لفظًا ومعناه الاستقبال، و «يَجْعَلْ» جزمٌ جوابُ الشرطِ‍، «جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الَأنْهَارُ» كلامٌ تامٌّ، فمن رَفَعَ استأنف، ومن جَزَمَ عطفَ «وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوْرًا» عَلَى يَجْعَلَ لَكَ جَنَّاتٍ ولو قرأ قارئٌ «وَيَجْعَلْ لَّكَ» بالإدغام وإشمام الضم لكان جائزا مثل: «لا تأمنا» فيدغم، لأنَّه يريد: يَجْعَلُ لَكَ وتَأمَنُنَا فيدغم، ومن جَزَم لم يجز لَهُ الإظهارُ.

وقولُه تَعَالى: {وَيَومَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ}.

قرأ ابنُ كثيرٍ وحفصٌ، عَنْ عاصمٍ بالياء كليهما، أي: قل يا مُحَمَّد: ويومَ يحشرهم الله ويَحشر الَّذِيْنَ يعبدون، يعني: الأصنام. قِيلَ: حَشْرُهَا: فَنَاؤُهَا. وقيل:

يَحْشُرُهَا كَمَا يَحْشُرُ كلَّ شيءٍ ليبكتَ بها مَنْ جَعَلَهَا إلهًا من دُوْنِ الله. فأمَّا قوله: {إنَّكُمْ ومَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حًصَبُ جَهَنَّمَ} فإنَّ جماعةً من المنافقين والكفَّار خاصَمُوا رَسُولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقالوا قَدْ ذَكَرْتَ أن الله قَدْ أنْزَلَ عَلَيْكُمْ: {إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} وقد عبدَ قومٌ عيسى وعزيرا فأنزل الله تَعَالى: {إن الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهْمْ مِنَّا الحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُوْنَ} فهذا فِيْ التَّفسير. وَقَالَ أهلُ النَّحوِ: هذا السُّؤال لا يلزمُ، لأنَّ الله تَعَالى قَالَ: «وَمَاْ}

<<  <   >  >>