للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سورة عسق

الشورى

حَدَّثَنِي ابْنُ مجاهدٍ، عنْ السِّمَّرِيِّ، عنْ الفَرَّاء، قَالَ: رأيتُ فِي بعض مصاحفِ عبدِ اللَّه حم سق ليس فيها عين.

وكذلك رُوي عنْ ابْنُ عباسٍ، قَالَ السين: كلُّ فرقةٍ، والقاف كلُّ جماعةٍ.

وسألتُ ابنَ مجاهدٍ فقلتُ: إن القافَ تَبْعُدْ من النُّون بعدًا من الميمِ فلمَ أظهرَ حمزةُ النُّون فِي طسم ولم يظهر النون عن القاف فِي حم عسق؟ فَقَالَ: والله ما فكَّرتُ فِي هَذَا قطُّ‍، ولا أرتقيت فِي النحو إلى هاهنا.

قَالَ أَبُو عبدِ اللَّه: الحُجَّةُ فِي ذَلِكَ - والله أعلم - أن طس أول سورة النَّمل وجاءت سورتان فيهما الميم، فبين ليُعلم أنَّ الميمَ زائدةٌ عَلَى هجاء السِّين.

واتَّفقوا - أعني أهلَ الكوفةِ - عَلَى أن لم يفردوا السين من قاف فبني الكلام هاهنا عَلَى الأصلِ، وليس الحُجَّةُ من جهةِ النَّحو فإن النُّون تُدغم فِي الميمِ، وتُخفي عند القَافَ، والمُخفي بمنزلة الظَّاهر فلمّا كُره التَّشديد فِي طسم أظهروا لما كان المخفيّ بمنزلة الظاهر ولم يَحْتَجْ إظهار قاف وهذا بيِّنٌ والحمدُ لله لَهُ.

وقولُه تَعَالى: {كذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ}.

قرأ ابنُ كثيرٍ: «يُوْحَى» بفتح الحاء على ما لم يسم فاعله.

وقرأ الباقون: «يُوحِي» بكسرِ الحاءِ، واسمُ اللَّه تَعَالى رفعٌ بفعله.

فإن قَالَ قائلٌ: فما الرافعُ لاسمِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ إذا لم يُسمَّ الفاعل؟

فقُل: اجعله بدلًا من الضَّمير، أَوْ بإعادة فعلٍ، كما قَالَ الشَّاعِرُ:

لِيُبْكَ يَزِيْدٌ ضَارِعٌ لِخُصُوْمِهِ ..

يريدُ: ليبكيه ضارعٌ، وكذلك «يُوْحَي إليكَ» يا مُحَمَّد كذلك يُوحيه اللَّه.

ويجوزُ أن يجعل اسم الله تعالى خبرا لابتداءِ أي: هُوَ اللَّه العزيزُ الحكيمُ.

ويجوزُ أن يكون ابتداء العزيزُ الحكيمُ خبرُهُ.

وقولُه تَعَالى: {تَكَاْدُ السَّماوَاتُ يَتَفطَّرْنَ مِنْ} فَوقِهِمْ.

وقرأ ابنُ كَثيرٍ وابنُ عامرٍ وحَمزةُ: «تَكَادُ» بالتَّاءِ «يتفطرن» بياء وتاء.

<<  <   >  >>