للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سورة الجَاثِيَة

قولُه تَعَالى: {وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ} ........ {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ}.

قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ بخفضِ التَّاء عَلَى أَنَّهُ فِي موضعِ نَصْبٍ ردًّا عَلَى «إنّ»، وإنّما كُسرت التاءُ، لأنَّها غيرُ أصليَّةٍ.

وقال المُبَرِّدُ: هُوَ لحنٌ عندي، لأنه عطف على عاملين على إن وفي. وكان الأخفش يرَى العَطفَ عَلَى عاملين فيقول: مررت بزيد في الجدار، والحُجْرَةِ عَمْرٌو.

واحتَجَّ بقولِ الشَّاعِرِ:

أَكُلَّ امْرِئ تَحْسَبِينَ امْرًأ ... ونارٍ تَأَجَّجُ لِلْحَرْبِ نَارًا

ومن خفض التاء فله حجةٌ أجود مما مَضَى. وذلكَ أَنَّهُ يجعل «ءايات» الثانية بدلًا من الُأولى. فيكون غيرَ عاطفٍ عَلَى عاملين.

وكأنَّ أبا الْعَبَّاس ذَهَبَ هَذَا عَلَيْهِ حتّى لَحَّنَ مَنْ كَسَرَ، وقد قرأ بذلك إمامان.

وقرأ الباقون: «ءايات» بالرفع.

فإن سألَ سائلٌ فَقَالَ: كيفَِ يجوزُ أن يجعل التي فِي الَأرضِ بدلًا من آياتٍ فِي السَّماء؟

فالجوابُ فِي ذَلِكَ: أنَّهما وإن اختلفتا من هذه الجهة فقد اتفقتا أنَّهما مخلوقاتُهُ، دوال على وحدانيته.

وقوله تعالى: {وآياته يؤمنون}.

قرأ أهلُ الكوفة وابنُ عامرٍ بالتاء عَلَى الخطاب، أي: قل لهم يا محمد ذَلِكَ.

وقرأ الباقون بالياءِ لقَوله: «لآياتٍ للمُؤْمِنِينَ.»

وقولُه تَعَالى: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا}.

قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ وابنُ عامرٍ بالنُّون. اللَّه تَعَالى يُخبر عنْ نَفْسِهِ.

وقرأ الباقون بالياءِ، أي: قُل لَهُمْ يا مُحَمَّد، ليَجْزِيَ اللهُ قومًا.

وفيها قراءةٌ ثالثةٌ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: قرأ أَبُو جَعْفَر: «لِيُجْزَي قَوْمًا» عَلَى ما لَم يُسَمَّ فاعله.

فإن قيلَ: لِمَ نصب قوما؟

<<  <   >  >>