للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الحديد]

قولُه تَعَالى: {وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ}.

قرأ أَبُو عَمْرٍو وحده: «وَقَدْ أُخِذَ مِيْثَاقُكُمْ» بالرَّفع ما لم يُسمَّ فاعِلُه.

والباقون: «أَخَذَ مِيْثَاقَكُمْ» بالنَّصب. وأخذُ الميثاق عَلَى العِباد قبل تَوجيهِ الرُّسل هُوَ أنَّ اللَّه تَعَالى أَخرج الذُّرية من صُلبِ آدمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} فأَجابوه بعقلٍ رَكَّبه فِيهم {قَالُوا بلى}.

وقوله تعالى: «وَكُلُّ» بالرَّفعِ جعله ابتداءً وعدّى الفعل إلى ضميرٍ، والتَّقدير:

وكلٌّ وعدَه اللهُ، كما قَالَ الرّاجز:

قَدْ أَصْبَحَتْ أمُّ الخِيَارِ تَدَّعِي ... عَلَيَّ ذَنْبًا كُلَّهُ لَمْ أَصْنَعِ

أراد: لم أَصنَعْهُ. فَخَزَلَ الهاءَ.

والباقون: «وكلًّا» بالنَّصب: مفعولٌ، لأنَّ قولك كلًّا وعدتُ، ووعدتُ كلًّا، وضربتُ زيدًا، وزيدا سواءٌ فاستعمال اللّفظ‍ أَحرى من اتباعِ المُضمرات، والمَعاني.

وقولُه تَعَالى: {فَيُضَاعِفَهُ}.

قرأ ابْنُ كثير وابن عامرٍ «فَيُضَعِّفَهُ» بغير ألفٍ غير أن ابْنُ كثير يرفع وابن عامرِ ينصب.

وقرأ الباقون «فَيُضَاعِفَهُ» بألفٍ. وَقَدْ ذكرتُ علَّة ذَلِكَ فِي البقرة.

وقولُه تَعَالى: {لِلَّذِيْنَ آمَنُواْ انْظُرُونَا}.

قرأ حمزة وحده: «أَنْظِرُونَا» بقطعِ الألفِ وفَتحِها.

وقرأ الباقون بوصلِ الألفِ، فمعنى قراءةِ حمزةَ: أَمْهِلُونا أَخرونا، قَالَ الشَّاعِر:

أبَا هِنْدٍ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْنَا ... وَأنَظِرْنَا نُخَبِّرْكَ اليَقِينَا

والباقون جعلوه من الانتظار كقولِهِ: «غَيرَ نَاظِرِيْنَ» ويُقال نَظَرْتُهُ معنى انْتَظَرْتُهُ.

ونظرتُ إِلَيْه بعيني. وَقَدْ جاء: نظرته بعيني. وهذا حرفٌ غريبٌ، قَالَ فُضالة بْن عَبْد اللَّه الغَنًَوِيُّ:

خَرجتْ سَوَاسِيةً مساوٍ أمُّها ... خلوًا تَطِيرُ كَمَا تَطِيرُ السَّوذَقُ

فأبيتُ أنظرها فما أَبْصرَتْهَا ... مِما ترفَّعُ فِي السَّرَابِ وتَفْرَقُ

أراد أبصرها، وفي هَذَا البيتِ شاهدٌ آخرُ، أنَّ السَّواسيةَ المُستوياتُ فِي الخيرِ ردًا

<<  <   >  >>