قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه إنما سُميت هَذِهِ السُّورة باسم المرأة التي كانت مُهاجرة إلى رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من نساء الكُفَّارِ وتَدع زَوجها، فَقَالَ اللَّه تَعَالى:
{فامْتَحِنُوْهُنَّ} لئلا تكون فارقت زَوجها عنْ تَقَالٍ، وإنَّما هاجرت ابتغاءَ الِإسلامِ فكان الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبايعهن عَلَى أن لا يشركنَ بالله شيئًا، ولا يَسرقن ولا يزَنين، ولا يَقتلن أَولادهن، يعني الموءودة، ولا يأتين بِبُهْتَانٍ يعني: أن تَزني المَرأة فتأتي بولدٍ من غير زَوجها فتنسبه إلى الزَّوج فذلك قولُه تَعَالى: {يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} وكانت هندُ أَتَتْ النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، - فلما أراد النَّبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يُبايِعَها قَالَ لها: أُبايعكِ على أن لا تزني، قالت: وهل تَزنى الحُرَّةُ؟ قَالَ: ولا تَسرقي، قَالَتْ: إلا من مالِ أَبِي سُفيان، قَالَ: ولا تَقتلي أولادَكِ، قَالَتْ:
إنْ لم تَقتلهم أنت، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان الحُكم فِي الممتحنة إذا جاءَت مسلمةً أن يَتَزَوَّجها المُسلمُ بغيرِ عِدَّةٍ، ولا تَرجِعُ إلى الكُفَّارِ لا تَحِلّ لَهُ ولا يَحِلُّ لها، ولكنْ يردُّ عَلَيْهِ مَهره.
وقرأ الباقون مُخففًا. وَقَدْ ذكرتُ علته فِي الَأعراف وإنّما أَعدت ذكره لأن ابن مجاهد حدثني عن السمري، عن الفَرَّاء، قَالَ قَرَأَ الْحَسَنُ:«وَلَا تَمْسِكُواْ بِعِصَمِ»