للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سورة الجُمعة

قَالَ ابنُ مجاهدٍ لم يختلف السَّبعة فيها. وإنما ذكرته لأن أَحْمَد بْن عبدان حَدَّثَنِي عنْ عليّ، عنْ عُبَيْدٍ أن الأعمش قرأ: «نودي للصلاة مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ» بإسكان الميم، وسائر القراء يقرءون «الجُمُعَةِ» مُثَقَّلٌ، وجَمْعُةٌ جُمُعَاتٌ، وجُمْعَاتٌ وجُمَعَاْتٌ.

فإن قيل: لِمَ سُميت يوم الجُمعة؟

فقل: لاجتماعِ النَّاسِ للصلاةِ كافةً.

فإن قيل: هَلْ يجوزُ أن يُسمى كلَّ يومٍ يجتمعُ الناسُ فِيهِ جمعة؟

فقل: إنَّ العربَ تختص الشيءَ باسمٍ إذا كثرت فِيهِ وتَرَدَّدَ وإن كَانَ غيره يشركه، علامةً وإمارةً وتَفضيلًا لَهُ عَلَى غيره كقولهم للعالم الفَهم فِي الدِّين: فقيهٌ، والعِلمُ بالنَّحو والطِبِّ فقهٌ أيضًا، غير أنهم خصُّوا ذَلِكَ لجلالته، وكذلك يُقال للثريا: النَّجمُ، لشهرته، وإن كَانَ كلُّ واحدٍ منهما قَدْ نَجَمَ أي: طَلَعَ.

فإن قيل ذَلِكَ: قَدْ فضَّل اللَّه يومَ الجُمعة عَلَى سائرِ الأيام بأنْ خَلَقَ اللَّه تَعَالى آدم فيها وأَدخله الجَنَّة فيها، وأَخرجه من الجَنَّةِ فيها، فما فَضلُهُ عند إخراجه؟

فالجواب عه: أنه حيث أخرجه من الجنة أخرج من صلبه محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهو أفضل الفضائل. وإنما صار أيضًا يَعظم الناس يوم الجمعة وليلة الجمعة حذار أن تفجأهم الساعة؛ لأنَّ القيامة تقومُ فِي يومَ الجُمعة، فأمَّا السَّاعةُ التي فِي الجمعة التي لا يردُّ فيها الدُّعاءُ فأجمع العلماءُ أنَّها بينَ العَصرِ والمَغربِ.

<<  <   >  >>