للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سورة نَ

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: إنَّما سُمي بذلك، لأنَّ اللَّه تَعَالى أقسم بنونٍ، وهي الدَّواةُ {والقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} أي: ما يكتبوه من كلام ربّ العالمين.

وقيل: النُّون: السَّمَكَةُ، ومن ذَلِكَ سمي يونس: ذا النُّون، لأنَّ الحوت التَقَمَهُ، وجمع النُّون نينان، وجمع الحوت حِيتان.

وأخبرني ابْنُ مجاهدٍ، عنْ السِّمَّرِيّ، عنْ الفَراء، قَالَ: كلُّ اسمٍ عَلَى فُعْلٍ أوسطه واو. فإن العرب تجمعه عَلَى ثلاثة أوجه، وذلك نحو كوز وأكواز، وكيزان وكَوِزَةٍ، وكذلك نُون، وصُوف، يُقال: صُوْفٌ وأَصواف، وصُوْفٌ، وصِوفةٌ، وصُوْفٌ، وصِيْفَانٌ.

وقال آخرون: نونٌ اسمٌ من أسماءِ اللَّه.

وقيل: حرفٌ من حروف المعجم.

فاختلف القُرَّاءُ فِي اللَّفظِ‍ بِهِ.

فقرأ عاصمٌ فِي رواية أَبِي بَكْرٍ والكِسَائِيُّ: «ن وَاَّلْقَلَمِ» مَخفيٌّ غيرُ ظاهرٍ.

قَالَ ابنُ مجاهدٍ: والاختيار عنْ عاصمٍ الِإظهار.

وقرأ الباقون: «نُ وَالْقَلَمِ» يظهرون، فمَن أظهرَ قَالَ: هُوَ حرفُ هجاءٍ، وحكمه أن يَنفصلَ مما بعده، فبُنِيَ الكلام فِيهِ عَلَى الوقف لا عَلَى الأصل.

والباقون أَخفوا، لأنَّهم بَنوا الكلامَ عَلَى الأصلِ.

وفيها قراءةٌ ثالثةٌ ورابعةٌ. قَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاق، وعيسى بْن عُمَر «نَ والقَلَمِ» معنى أقرأ ن و «نِ والقَلَمِ» يَجعله قسمًا.

وقولُه تَعَالى: {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وبنين}.

قرأ حمزة: ««أأن كَانَ» بهمزتين الأولى ألفُ تَوبيخٍ، والثَّانية ألفُ أصلٍ فِي الأداة.

وقرأ ابنُ عامرٍ برواية هشامٍ مطوَّلةٍ؛ لأنَّه كره الجمع بينهما فليَّن الثانية تخفيفًا.

وقرأ الباقون: «أنْ كَانَ» بهمزة واحدة وهي الاختيار؛ لأن التقدير «وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ» لأنّ كَانَ ذا مال وبنين، وبأنْ كَانَ ذَا مالٍ وبنينٍ.

<<  <   >  >>