للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سورة المُطَفِّفِيْن

قولُه تَعَالى: {وَيْلٌ} قيل: ويل: وادٍ فِيْ جَهَنَّمَ قعرُه سبعون سنةً، وقيل: دُعاءٌ عَلَيْهِ. وإنما نزلت هَذِهِ السُّورة حين خرج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة.

وكان بِسُوْقِ الجاهِلِيَّة لهم كيلان وميزانان معلومة لا يُعاب عليهم، فكان الرجل إذا اشترى بالكيل الزَّائد، وإذا باعَ باعه بالنَّاقص وكانوا يَرْبَحُوْنَ بين الكيلين والوَزنين فلمَّا قدم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، قَالَ: ويلٌ لكم ما تصنعون فأنزل اللَّه تصديقًا لقوله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِيْنَ}.

وقولُه تَعَالى: {وإذَا كالوهم}.

اتفق القُراء السَّبعةُ عَلَى «كالوهم» أن يجعلوا الهاء والميم مفعولًا، وإنما ذكرته، لأنَّ حمزةَ روى عنه عيسى بن عمر «كالوهم أو وزنوهم» جعلاه من كلمتين فتكون الهاء والميم عَلَى هَذِهِ القراءة فِيْ موضع رفع تأكِيْدًا للضَّمير كما تَقُولُ: قمت أنت، وقاموا هُمْ.

وحجة الآخرين أنَّ العربَ تَقُولُ: كلتُك، ووزنتُك بمعنى: كلتُ لَكَ ووزنتُ لَكَ.

وقولُه تَعَالى: {كَلَّا بل ران على قلوبهم}.

اتفق القراء على إدغام اللام في الراء هاهنا لقُرب اللام من الرَّاء، ومثله الرَّحْمَن؛ لأنَّها لامٌ ساكنةٌ صادفت راءً. إلا حفصًا فإنه روى عنْ عاصمٍ: «بَلْ رَانَ» يقف عَلَى «بَلْ» وقفةً خفيفةً، ليُبين أن «بَلْ» من كلمة و «ران» من كلمةٍ. ومعنى الرَّينُ - فِيْ اللُّغة -: الذَّنبُ عَلَى الذَّنبِ حَتَّى يَسودَّ القَلبُ. فأمَّا الِإمالةُ فِيْ «بل رانَ» فإن أهلَ الكوفةِ يميلون ذلكَ.

والباقون يُفَخِّمُونَ. وَقَدْ ذكرتُ علةَ ذَلِكَ فيما سلف.

قَرَأَ الكِسَائِيُّ وحده: «خاتَمَهُ مسك» أي: آخر شرابهم مسك بفتح التاء فِيْ «خاتَمَهَ» وَقَدْ رُوى عنْ إِبْرَاهِيم النَّخعي عنْ الكِسَائِيِّ «خاتِمه مِسْكٌ» بكسرِ التاءِ، والعربُ تَقُولُ: خاتِم وخاتَم، وخِيتام، وخَاتام، وأَنْشَد:

<<  <   >  >>