للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة الانشقاق]

حَدَّثَنِي ابْنُ مجاهدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عليّ القطعي، عنْ عُبَيْدٍ، عنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ قَرَأَ: «إِذَا السَّمَاءُ انشقت» شملها شيئا من الجر، وكذلك {وحقت} و {مُدَّتْ} لأنَّ الحَرفَ المُشَدَّدَ كالسَّاكِنِ، والثَّاءُ ساكنةٌ فكسرها لذلك، وإنَّما الحرفُ الَأوَّلُ فِيْ المشدد هُوَ السَّاكن عَلَى الحَقيقة، ومعنى «إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ» أي: انشقت لِنُزُوْلِ الملائكة تنشق حَتَّى يرى طَرَفَاهَا «وَحُقَّتْ» أي: وحقَّ لها أن تسمع، {وأَذِنَتْ لِرَبِّهَاْ} أي: سَمِعَتْ وطَاْعَتْ رَبَّهاْ. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أَذِنَ اللَّه لشيءٍ كإِذْنِهِ لنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوتِ بالقرآن» وقال عديُّ بنُ زَيْدٍ:

أيُّها القَلْبُ تَعَلَّلْ بِدَدَنْ ... إنَّ هَمِّي فِيْ سَمَاعٍ وَأُذُنْ

{وإِذَا الَأرْضُ مُدَتْ} كما يُمدُّ الَأدِيْمْ.

فإن قيلَ فأينَ جَوَابُ «إِذَا»؟

ففي ذَلِكَ أقوال، قَالَ: قومٌ الواو مُقْحَمَةٌ فِيْ قولُه: «وَأَذِنَتْ» والتقدير: إذا السماء انشقت وأذنت لِرَبِّها وحُقَّت والجوابُ محذوفٌ بعلمِ المخاطب.

وقال آخرون: - وهو الاختيار - فاءٌ مُضْمَرَةٌ، والتَّقدير: إِذَا السماء انشقت إلى قوله: «وحقت» ف‍ {أيها الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} أي: ساعٍ إلى ربِّكَ سَعْيًا، يُقال فلانٌ يكدَحُ لِمَعَايِشِهِ أي: يَسعى.

وقولُه تَعَالى: {وَيَصْلَى سَعِيْرًا}.

قَرَأَ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ والكِسَائِيّ وابنُ عامرٍ: «وَيُصلَّى سَعِيْرًا» بالتَّشديد صلّى يُصَلّى تَصْلِيَةً، وشاهدهم «تَصْلِيَةُ جَحِيْمٍ» لأنَّ تَفْعِلَةً لا يكون مصدرًا إلا لفَعَّلَ بالتَّشديد.

وقرأ الباقون: «وَيَصْلَى» بفتحِ الياءِ والتَّخفيفِ من صَلَى يَصْلَى صَلْيًا فهو صالٍ، وشاهدهم {إلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيْمِ}.

وفيه قراءةٌ ثالثةٌ روى خارجة عنْ نافعٍ وهارون عنْ أَبِي عَمْرٍو «ويُصْلَى» بضمةِ اليَاء مُخَفَّفًا، فهذه القراءةُ يجوز أن تكونَ من أفعلَ ومن فَعَّل؛ لأنَّ المضارعَ من الثُّلاثي يَستوي فِيهِ ما لم يُسم فاعله مَعَ الرُّباعي إلَّا أنّ الاختيارَ أن يقولَ صلّى زيدٌ: إِذَا لَم تعده،

<<  <   >  >>