للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة الفيل]

قَالَ أَبُو عَبْد الليل: نزلت هَذِهِ السُّورة بمكة. وذلك أن أبرهة الحَبِشيَّ، ويُقال أصحمة الأشرم بعث أبا يكسوم، ويكسوم ابنه، ويقال: يكسوب، وهو يَفعول من الكسب بعث ابنه في جيش ومعه الفيل، وُولد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفيل.

قَالَ ابنُ مخلد - الشَّيخُ الصَّالِحُ -: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن شبيب، عنْ ابْنُ أَبِي أُويس، عنْ سُليمان بْن بلال، عنْ يَحيى بْن سَعِيد، عنْ عمرة، عن عائشة، قالت: رأيت قائد الفيل وسائسه، يعني: فقيرين، وهما يسألان بمكَّة، ليخرب البيت الحَرام ويجعل الفيل مكان البيت، كي يعظَّمَ ويعبْدَ كتعظيم الكعبة، وأمره أن يقتل من حال بينه وبينه، فسار أَبُو يكسوم بمن معه حَتَّى نزل بوادٍ دون الحرم.

فلمَّا أن أراد أن يَسوق الفيل إلى مكَّة، ويدخله الحرم. فوقف فأمر فسقوه الخَمْرَ ففعلوا، فلما أرادوا إِدخاله الحرم ثانية بَرَكَ، فإذا خلَّوا سبيله ولى راجعًا، ففزعوا من ذَلِكَ، وأرسل اللَّه طيرًا أبابيل، قيل واحد الأبابيل أبول. فقيل: كانت طيرا خضرا، منقارها حجر لا يخطئ يافوخ الرّجل ويسقط‍ من دُبُره، فيموت. {تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ}، قَالَ: السِّجِّيْلُ، الشَّدِيْدُ. وقيل: من سجِّيل «سَنْك كِل» أي طين وحَجَرٍ بالفارسية.

وقرأ عِيسَى بْن عُمر: «يَرِمْيهِمْ» لأنَّ الطير يذكر ويؤنث «كعصف مأكول» أي كورق الزرع مأكول، أيب: بالٍ.

وقال مقاتل: كَانَ الفِيلُ قبل مولِد رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأَربعينَ سنةً. ولم يختَلِف السَّبعة فِيْ هَذِهِ السُّورة إلا أنّ أبا عَمْرو يدغم «كَيفْ فَّعَلَ رَبُّكَ» الفاءَ فِيْ الفاء، واللَّامَ فِيْ الرَّاءِ إِذَا قَرَأَ بالِإدغام، وَقَدْ ذكرتُ علة ذَلِكَ فيما سلف.

<<  <   >  >>