للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة الكوثر]

قَرَأَ القراء: «إنا أعْطَيناكَ» بالعين، وإنما ذكرته لأنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: «إنَّا أنْطَيْناكَ الكَوْثَرَ» والكوثرُ: نهرٌ فِيْ الجنَّةِ، وقيل: الكوثرُ: الخيرُ الكثيرُ، وهو فَوْعَلٌ من الكثرة، والواو زائدةٌ، وَيُقَال: للرجل الكثير العَطاء كوثر، وأَنشد:

فَهُمْ أهلات حول قيس بن عاصم ... إذا أدلجوا باللَّيْلِ يَدْعُوْنَ كَوْثَرَا

ولُغَةٌ للعَرَبِ يقولون: أَنْطِ‍ يا رَجُل، أي: اسكت.

{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قيل فِيْ تفَسيره: أي: خذ شمالك بيمينك فِيْ الصَّلاة، وقيل: العيدين يوم الفطر ويوم الَأضحى، فصلِّ لربِّك وانحر البُدْنَ، وقيل: استقبل القبلة بنحرك.

{إِنَّ شَانِئَكَ} الهمزة بعد النُّون، لأنَّه فاعل من شَنَأَ يَشْنَأُ فهو شانِئٌ، وأنشد:

ومِنْ شَانِئٍ ظَاهرٍ غَمْزُهُ ... إِذَا مَا انْتَسَبْتُ لَهُ أنْكَرَنْ

والشَّانِئُ: المبغضُ. والأبترُ: أي: لا عقب لَهُ، يُقال: حية أبتر مقطوعة الذَّنب، و «هُوَ» فاصلةٌ عند البصريين، وعمادٌ عند الكوفيين؛ لأنه لو قيل إن شانئك الأبتر بغير هُوَ جازَ أن يكون نعتًا، وخبرًا فإذا فصلت بينهما ب‍ هُوَ صحَّ أَنَّهُ خبرٌ، ألم تَسمع قولَه تَعَالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} أتى بفاصلة جاز أن يكون بدلًا وصفةً، فلما قَالَ: «وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى» ولم يقل وأنَّه هُوَ أهلك؛ لأن الفعل لا يكون بدلا من الاسم فصح أَنَّهُ خبر، فأنت فِيهِ قائلٌ فِيْ الكلام: إنَّ زيدًا قائمٌ، ولا يُقال: إن زيدًا هُوَ قائم، فإذا قلتَ: أن زيدًا القائم جازَ أن تَقُولُ: إن زيدًا هُوَ القائم، ولا تكون الفاصلة إلا بين معرفتين الثَّاني محتاج إلى الأول كمفعولي ظَننت، واسم كَانَ وخبرها، واسم إنَّ وخبرها.

<<  <   >  >>