للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (٥٠)} قيل: تجريان من جَبَلٍ من مِسْكٍ على أهل الجنة بالزيادة والكرامة من اللَّه تعالى، وقيل: تجريان بالماء الزُّلَالِ، إحداهما التَّسْنِيمُ، والأخرى السَّلْسَبيلُ، وقيل: إحداهما من ماء غَيْرِ آسِنٍ، والأخرى من خمر لَذّةٍ للشاربين {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (٥٢) أي: صِنْفانِ ونَوْعانِ {مُتَّكِئِينَ} يعني: مُطْمَئِنِّينَ، والاتِّكاءُ: الطُّمَأْنِينةُ، والاسم منه: التُّكَاةُ {عَلَى فُرُشٍ} جمع فِراشٍ {بَطَائِنُهَا} جمع بِطانةٍ، وهي التي تحت الظِّهارةِ (١) {مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} وهو ما غَلُظَ من الدِّيباجِ وخَشُنَ {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (٥٤)} يعني: ثَمَرُها قَرِيبٌ، يَنالُهُ القائم والقاعد والمُضْطَجِعُ، ونصب "مُتَّكِئِينَ" على الحال.

قوله تعالى: {فِيهِنَّ} يعني: في الفُرُشِ التي ذكرها، ويجوز أن يكون في الجِنانِ؛ لأنها معلومة وإن لَمْ تُذْكَرْ {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} غاضّاتُ الأعْيُنِ، قد قَصَرْنَ طَرْفَهُن على أزواجهن، فلا يَنْظُرْنَ إلى غيرهم، قال ابن زيد (٢): إنها تقول لزوجها: وَعِزّةِ رَبِّي ما أرى في الجنة شيئًا أحسنَ منك، فالحمد للَّهِ الذي


= واحدها فنَنٌ، وهو أجود الوجهين". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٠٢، وقال النحاس: "والأول أوْلَى بالصواب؛ لأن أكثر ما يجمع فَنٌّ فُنُونٌ، فَيُسْتَغْنَى بِجَمْعِهِ الكثير كما يقال: شِسْعٌ وشُسُوعٌ، ومنه: أخَذَ فُلَانٌ فِي فُنُونٍ من الحديث". إعراب القرآن ٤/ ٣١٤، وينظر أيضًا: تهذيب اللغة ١٥/ ٤٦٥، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٤٦.
(١) بطانةُ البساطِ: ما يَلي الأرضَ منه، وظِهارَتُهُ: ما ظَهَرَ منه وعَلا، وأجاز الفَرّاءُ كَوْنَ الظِّهارةِ بَطانةً وَالبِطانةِ ظِهارةً، وبه قال قطرب وابن الأنباري؛ أي: أنه من الأضداد، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١١٨، الأضداد لقطرب ص ١٣٩ - ١٤٠، الأضداد لابن الأنباري ص ٣٤٢، وهو قول الحسن كما ذكر أبو الطيب اللغوي في الأضداد ١/ ٦٧، وينظر: التهذيب ١٣/ ٣٧٢ - ٣٧٣.
(٢) ينظر قوله في جامع البيان ٢٧/ ١٩٥، الكشف والبيان ٩/ ١٩١، الوسيط ٤/ ٢٢٧، البحر المحيط ٨/ ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>