للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوموا فصلُّوا ربَّكم وتمسَّحوا … بأركان هذا البيتِ بينَ الأخاشب (١)

فعندكمُ منهُ بلاءٌ ومِصْدَقٌ … غداةَ أبي يَكسومَ هادي الكتائب (٢)

كتيبتُه بالسَّهْل تُمسي ورَجْله … على القاذفاتِ في رؤوسِ المناقب (٣)

فلما أتاكم نصرُ ذي العرش ردَّهم … جنودُ المليك بين سافٍ وحاصب (٤)

فولَّوا سِراعًا هاربين ولم يَؤُبْ … إلى أهله مِلحُبْشِ غيرُ عصائب

فإنْ تهلِكوا نهلِكْ وتَهلِكْ مواسمٌ … يُعاشُ بها، قولُ امرئٍ غيرِ كاذب (٥)

وحَرْب داحس الذي (٦) ذكرها أبو قيس في شعره كانت في زمن الجاهلية مشهورة، وكان سببها فيما ذكره أبو عبيدة معمرُ بن المثنَّى وغيره: أنَّ فرسًا يقال له داحس، كانت لقيس بن زهير بن جَذِيمة بن رواحة الغَطَفاني، أجراه مع فرسٍ لحُذَيفة بن بَدْر بن عمرو بن جَوَيَّة (٧) الغَطَفاني أيضًا، يقال لها الغَبْراء، فجاءتْ داحِسُ سابقًا، فأمر حُذيفةُ من ضرب وجهها، فوثب مالك بن زهير فلطم وجه الغبراء، فقام حَمَلُ بنُ بَدْر فلطم مالكًا، ثم إنَّ أبا جُنيدب العَبْسي لقي عوفَ بن حُذيفة فقتله، ثم لقي رجلٌ من بني فزارة مالكًا فقتله، فشبَّتِ الحرب بين بني عبس وفَزَارة، فقُتل حذيفةُ بن بدر وأخوه حَمَلُ بن بدر وجماعاتٌ آخرون، وقالوا في ذلك أشعارًا كثيرة يطول بسطُها وذكرها.

قال ابن هشام (٨): ويُقال: أَرسل قيسٌ داحسًا والغبراء، وأرسل حذيفةُ الخطَّار والحَنْفاء، والأول أصحّ. قال: وأما حَرْبُ حاطب فيعني حاطب بن الحارث بن قيس بن هَيْشَة بن الحارث بن أمية بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس. كان قَتَل يهوديًا جارًا للخَزْرَج، فخرج إليه يزيد (٩) بن الحارث بن قيس بن مالك بن أحمر بن حارثة بن ثعلبة بن كعب بن [مالك بن كعب] (١٠)


(١) "الأخاشب": جمع أخشب، وهو الجبل الخشن العظيم. والأخشبان: جبلا مكة أبو قبيس والأحمر. القاموس: (خشب).
(٢) "أبو يكسوم": صاحب الفيل المذكور في التنزيل. القاموس (كسم).
(٣) كذا في ح، ط: القاذفات. ولعل الصواب: القُذُفات. وهي ما أشرف من رؤوس الجبال واحدتها قُذْفة كغُرْفة. والمناقب: الجبل فيه ثنايا. اللسان (قذف، نقب).
(٤) "السافي": الذي يرمي بالتراب، والحاصب الذي يقذف بالحصباء. الروض (٢/ ٣١).
(٥) في هامش ح عند نهاية القصيدة ما نصه: بلغ مقابلة على الأصل المعتمد الموقوف بشيخو.
(٦) كذا في ح، ط والحرب مؤنثة وقد تذكَّر.
(٧) في ط: جؤبة، وفي سيرة ابن هشام: جؤيَّة. والمثبت من الإكمال (٢/ ١٧٠) من غير همز.
(٨) في سيرة ابن هشام (١/ ٢٨٧) والروض (٢/ ٢٠).
(٩) في ط: زيد. والمثبت من السيرة وشرح القاموس مادة فسحم.
(١٠) ليس ما بين المعقوفين في سيرة ابن هشام ولا الروض ولا جمهرة الأنساب لابن حزم (ص ٣١٢، ٣١٣) في ترجمته، ولعله زيدَ وهمًا.