للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا لكِ من قنبرةٍ (١) بمعمرِ … خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفرِي (٢)

ونَقِّري ما شئتِ أن تُنَقِّري

يعرض بابن الزبير.

وقيل إن يزيد بن معاوية كتب إلى ابن الزبير يقول: إني قد بعثت إليك بسلسلة من فضة وقيد من ذهب وجامعة من فضة، وحلفت لتأتيني في ذلك فأبرَّ قسمي ولا تشق العصا، فلما قرأ كتابه ألقاه من يده وقال:

ولا ألينُ لغيرِ الحقِّ أسألُهُ … حتى تلينَ لضرسِ الماضِغِ الحَجَر (٣)

فلما مات يزيد بن معاوية وابنه معاوية بن يزيد من بعده قريبًا، استفحل أمر عبد اللَّه بن الزبير جدًا، وبويع له بالحجاز والعراق ومصر (٤)، وبايع له الضحاك بن قيس بدمشق وأعمالها، ولكن عارضه مروان بن الحكم وما زال حتى قتله وجماعة في مرج راهط كما تقدم، فبايع له أهل الشام. وأخذ الشام ومصر من نواب ابن الزبير، ثم جهز السرايا إلى العراق، ومات واستخلف بعده عبد الملك بن مروان فقتل مصعب بن الزبير وأخذ العراق منه، ثم بعث الحجاج فحاصر ابن الزبير بمكة قريبًا من سبعة أشهر حتى ظفر به في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين.

وكانت ولاية ابن الزبير في سنة أربع وستين، حج بالناس فيها كلها، وبنى الكعبة في أيامه كما أشار إليه رسول اللَّه ، ورد بناءها كما كانت عليه كما (٥) أخبرته بذلك عائشة أم المؤمنين ، وكساها بالحرير (٦)، وكانت كسوتها قبل ذلك الأنطاع والمسوح (٧)، وكان يطيبها حتى يوجد ريحها من ظاهر الحرم، وكان مكتوب على كسوتها لعبد اللَّه بن أبي بكر أمير المؤمنين (٨).

وكان ابن الزبير عالمًا، عابدًا، مهيبًا، وقورًا، كثير الصيام والصلاة، شديد الخشوع قوي السياسة.

قال أبو نعيم الأصبهاني: حدَّثنا أبو حامد بن جَبَلة، حدَّثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدَّثنا أحمد بن سعيد الدارمي، حدَّثنا أبو عاصم، عن عمر بن قيس. قال: كان لابن الزبير مئة غلام يتكلم


(١) في الكامل لابن الأثير (٤/ ٦٩): قبَّرة.
(٢) في أ: خلا لك البئر.
(٣) الخبر بكامله زيادة من ط، وهو في تاريخ دمشق (٢٨/ ٢٠٩) وتهذيبه (٧/ ٤١٥).
(٤) في ط وبويع له بالخلافة في جميع البلاد الإسلامية.
(٥) في ط: وبنى الكعبة في أيام ولايته كما تقدم.
(٦) في أخبار مكة للأزرقي (١/ ٢١٠) كساها القباطي - وهو جمع قبطية بالضم، ثوب رقيق أبيض من ثياب مصر.
(٧) الأنطاع جمع نطع؛ وهو البساط. القاموس (نطع) والمسوح: المناديل. والخبر في تاريخ دمشق (٢٨/ ٢١٤).
(٨) من قوله: وكان يطيبها. . إلى هنا ساقط من ط، والخبر في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ - ٨٠/ ص ٤٤٣).