للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل غلام منهم بلغة [غير لغة الآخر]، وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته، وكنتَ إذا نظرت إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجل لم يرد اللَّه [والدار الآخرة] طرفة عين، [وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت: هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين] (١).

وقال الثوري: عن الأعمش، عن أبي الضحى (٢) قال: رأيت على رأس ابن الزبير من المسك ما لو كان لي كان رأس مال (٣).

وقال ابن المبارك: عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: دخل ابن الزبير على امرأته بنت الحسن فوأى ثلاثة مثل -يعني أفرشة- فقال: هذا لي وهذا لابنة الحسن، وهذا للشيطان فأخرجوه (٤).

وقال الثوري: عن عبد اللَّه بن أبي بشير، عن عبد اللَّه بن مساور، قال: سمعت ابن عباس يعاتب ابن الزبير على البخل ويقول: قال رسول اللَّه : "ليس بالمؤمن من يبيت شبعان وجاره إلى جنبه جائع" (٥).

وقال الإمام أحمد (٦): حدَّثنا إسماعيل بن أبان الورّاق، حدَّثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن ابن أبْزى، عن عثمان بن عفان. قال قال له عبد اللَّه بن الزبير حين حصر: إن عندي نجائب قد أعددتها لك، فهل لك أن تتحول إلى مكة فيأتيك من أراد أن يأتيك؟ قال: لا! إني سمعت رسول اللَّه يقول: "يُلْحِدُ كبش من قريش اسمه عبد اللَّه، عليه مثل أوزار الناس". وهذا الحديث منكر جدًا وفي إسناده ضعف، ويعقوب هذا هو القمي وفيه تشيع، ومثل هذا لا يقبل تفرده به، وبتقدير صحته فليس هو بعبد اللَّه بن الزبير، فإنه كان على صفات حميدة، وقيامه في الإمارة إنما كان للَّه ﷿، ثم هو كان الإمام بعد موت معاوية بن يزيد لا محالة، وهو أرشد من مروان بن الحكم، حيث نازعه [بعد أن اجتمعت الكلمة عليه]، وقامت البيعة له في الآفاق وانتظم له الأمر واللَّه أعلم.

وقال الإمام أحمد (٧): حدَّثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، حدَّثنا إسحاق بن سعيد، حدَّثنا سعيد بن عمرو قال: أتى عبد اللَّه بن عمرو وعبد اللَّه بن الزبير وهو في الحِجْر جالسٌ فقال: يا بن الزبير إياك والإلحاد في حرم اللَّه، فإني أشهد لسمعت رسول اللَّه يقول: "يحلُّها وتحل به رجل من قُريش، لو


(١) حلية الأولياء لأبي نعيم (١/ ٣٣٤) وتاريخ دمشق لابن عساكر (٢٨/ ٢١٥).
(٢) هو مسلم بن صُبيح القرشي الكوفي، مولى سعيد بن العاص.
(٣) تاريخ دمشق لابن عساكر (٢٨/ ٢١٥).
(٤) المصدر نفسه (٢٨/ ٢١٥).
(٥) رواه أبو يعلى رقم (٢٦٩٩) من حديث ابن عباس، ورواه الطبراني في الكبير من حديث أنس، والحاكم من حديث عائشة، وهو حديث حسن.
(٦) مسند الإمام أحمد (١/ ٦٤).
(٧) مسند الإمام أحمد (٢/ ٢١٩).