للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّه ﷿، أشهد على رسول اللَّه لسمعته يقول: ["يخرج من ثقيف كذاب ومبير"] وفي رواية: "سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما شر من الأول وهو مبير" فانكسر الحجاج وانصرف، فبلغ ذلك عبد الملك فكتب إليه يلومه في مخاطبته أسماء، وقال: مالك ولابنة الرجل الصالح (١)؟

وقال مسلم بن الحجاج في "صحيحه": حدَّثنا عقبة بن مكرم، حدَّثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، أنبأنا الأسود بن شيبان عن أبي نوفل. قال: رأيت عبد اللَّه بن الزبير على ثنية الحَجُون مصلوبًا فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبد اللَّه بن عمر فوقف عليه فقال: السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب، أما واللَّه لقد كنت أنهاك عن هذا، أما واللَّه لقد كنت أنهاك عن هذا، أما واللَّه لقد كنت أنهاك عن هذا، أما واللَّه إن كنتَ ما علمتُ صوامًا قوامًا وصولًا للرحم، أما واللَّه لأمّة أنت شرها لأمّة خير. ثم نفذ عبد اللَّه بن عمر. فبلغ الحجاج وقوف ابن عمر عليه وقوله ما قال، فأرسل إليه فأنزله عن جذعه وألقي في قبور اليهود، ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر فأبت أن تأتيه، فأعاد عليها الرسول لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك من قرونك، فأبت وقالت: واللَّه لا آتيه حتى يبعث إليّ من يسحبني بقروني، فقال الحجاج: فأروني سِبتيتيَّ؛ فأخذ نعليه ثم انطلق يتوذف حتى دخل عليها فقال: كيف رأيتني صنعت بعدو اللَّه؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول: يا ابن ذات النطاقين، أنا واللَّه ذات النطاقين، أما أحدهما فكنت ارفع به طعام رسول اللَّه وطعام أبي بكر، وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه، أما إن رسول اللَّه حدَّثنا أن في ثقيف كذابًا ومبيرًا، فاما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه. قال: فقام عنها ولم يراجعها" انفرد به مسلم (٢).

وروى الواقدي: أن الحجاج لما صَلَبَ ابن الزبير على ثنية الحجون بعثت إليه أسماء تدعو عليه، وطلبت منه أن يدفن فأبى عليها، حتى كتب إلى عبد الملك في ذلك فكتب إليه أن يدفن فدفن بالحجون، وذكروا أنه كان يشتمُّ من عند قبره ريح المسك.

وكان الحجاج قد قدم من الشام في ألفي فارس وانضاف إليه طارق بن عمرو في خمسة آلاف.

وروى محمد بن سعد وغيره بسنده: أن الحجاج حاصر ابن الزبير، وأنه اجتمع معه أربعون ألفًا، وأنه نصب المنجنيق على أبي قبيس ليرمي به المسجد الحرام الذي فيه عبد اللَّه بن الزبير، وأنه جعل يؤمن من خرج إليه من أهل مكة ونادى فيهم بذلك، وقال: إنا لم نأت لقتال أحد سوى ابن الزبير، وأنه خيَّر ابن الزبير بين ثلاث إما أن يذهب في الأرض حيث شاء، أو يبعثه إلى الشام مقيدًا بالحديد، أو يقاتل حتى يقتل. فشاور أمه فأشارت عليه بالثالث فقط (٣).


(١) الخبر بتمامه في تاريخ دمشق (٢٨/ ٢٢٨).
(٢) رواه مسلم رقم (٢٥٤٥) في فضائل الصحابة.
(٣) تاريخ دمشق (٢٨/ ٢٣٦).