للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموال والجمال، والخيل والبغال، فكانت (١) جملة الجمال ثلاثة آلاف بعير، فتقوَّى الفرنج بذلك [شيئًا كثيرًا] (٢)، وساء ذلك السلطان مساءة عظيمة جدًا، وخاف من غائلة ذلك، واستخدم الإِنكليز الجمَّالة (٣) على الجمال، والخربندية على البغال، والسيّاس على الخيل، وأقبل وقد قويت نفسه جدًا، وصمَّم على محاصرة القدس، وأرسل إِلى ملوك الفرنج (٤) الذين بالساحل، فاستحضرهم ومن معهم من المقاتلة، فتعبَّا السلطان لهم (٥) وتهيَّأ (٦)، وأكمل السور، وعمر الخنادق، ونصب [الآلات والمجانيق] (٧)، وأمر بتغوير ما حول القدس من المياه، وأحضر السلطان أمراءه ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الآخرة، وفيهم أبو الهيجاء السمين (٨)، والمشطوب، والأسدية (٩)، بكمالهم، واستشارهم السلطان فيما دهمه من هذا الأمر الفظيع، الموجع المؤلم، فأفاضوا في ذلك، وأشاروا كل برأيه، وأشار العماد الكاتب بأن يتحالفوا على الموت عند الصخرة، كما كان (١٠) الصحابة يفعلون، فأجابوا إِلى ذلك.

هذا كلُّه والسلطان ساكت واجم مفكِّر، فسكت القوم كأنما (١١) على رؤوسهم الطير، ثم قال: الحمد لله، والصلاة (١٢) والسلام على رسول الله: اعلموا أنكم جند الإِسلام اليوم ومنعته، وأنتم تعلمون أن دماء المسلمين وأموالهم وذراريهم في ذممكم معلقة، والله ﷿ سائلكم يوم القيامة عنهم، وأن هذا العدو ليس له من المسلمين من يلقاه عن العباد والبلاد غيركم، فإن ولَّيتم، والعياذ بالله [طوى البلادَ وأهلك العباد] (١٣)، وأخذ الأموال والأطفال والنساء، وعُبد الصليبُ في المساجد، وعُزل القرآن منها والصلاة، وكان ذلك كله في ذممكم، فإِنكم أنتم الذين تصدَّيْتم لهذا كله، وأكلتم بيت مال المسلمين، لتدفعوا عنهم عدوهم، وتنصروا ضعيفهم، فالمسلمون في سائر البلاد متعلقون بكم والسلام.


(١) أ: فكان، ط: وكان.
(٢) ليس في ط.
(٣) ب: الجمالين.
(٤) أ: الإِفرنج.
(٥) ب: لذلك.
(٦) ليس في ب.
(٧) ط: المنجانيق. أ: المناجنيق.
(٨) ط: أبا الهيجاء الميسمين، وسترد ترجمته في حوادث سنة ٥٩٣ هـ من هذا الجزء.
(٩) أ: والأسدي.
(١٠) أ: كانت.
(١١) ب: حتى كأنما.
(١٢) أ: وصلّى على رسول الله.
(١٣) مكانهما في ب: كطيّ السجل للكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>