للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانتدب لجوابه سيف الدين المشطوب وقال: يا مولانا نحن مماليكك وعبيدك، وأنت الذي أعطيتنا وكبَّرتنا وعظَّمتنا (١)، وليس لنا إِلَّا رقابنا ونحن بين يديك، والله ما يرجع أحد منا عن نصرك (٢) حتى يموت. فقال الجماعة مثل ما قال، ففرح السلطان بذلك، وطاب قلبه، ومدَّ لهم سماطًا حافلًا، وانصرفوا من بين يديه على ذلك. ثم بلغه بعد ذلك عن بعض الأمراء أنه قال (٣): إِنا نخاف أن يجري علينا في هذه البلدة كما جرى على أهل (٤) عكا، ثم يأخذون بلاد الإِسلام بلدًا بلدًا، والمصلحة أن نلتقيهم بظاهر البلد، فإن هزمناهم أخذنا بقية بلادهم، وإِن تكن الأخرى سلم [العسكر] (٥) ومضى بحاله (٦)، فيأخذون القدس ونحفظ (٧) بقية بلاد الإِسلام بدون القدس مدة طويلة (٨)، وبعثوا [إِلى السلطان] (٩) يقولون له: إِن كنت تريدنا نقيم بالقدس تحت حصار] (١٠) الفرنج (١١)، فكن (١٢) أنت معنا أو بعض أهلك، حتى يكون الجيش تحت (١٣) أمره (١٤)، فإِن الأكراد لا تطيع (١٥) التُّرك، والترك لا تطيع الأكراد. فلما بلغه (١٦) ذلك شق عليه مشقة عظيمة، وبات ليلته أجمع مهمومًا كئيبًا يفكر فيما قالوا، ثم انجلى الأمر واتفق الحال على أن يكون الملك الأمجد صاحب بعلبك مقيمًا عندهم نائبًا عنه بالقدس الشريف (١٧)، وكان ذلك نهار الجمعة، فلما حضر إِلى صلاة الجمعة، وأذن المؤذِّن للظهر قام فصلى ركعتين بين الأذانين، وسجد، وابتهل إِلى الله تعالى ابتهالًا عظيمًا، وتضرع لربه (١٨)، وتمسكن وسأله (١٩) فيما بينه وبينه كشف هذه الضائقة العظيمة.


(١) ب: وأنت الذي أنعمت علينا وكبرتنا وعظمتنا وأعطيتنا وأعنتنا.
(٢) ب: عن نصرتك.
(٣) ط: إِن بعض الأمراء قال.
(٤) ط: في هذا البلد مثل ما جرى على أهل عكا.
(٥) ب: سلم الله العسكر.
(٦) أ: في جباله.
(٧) ب: وانحفظت، ط: وتحفظ.
(٨) بعدها في ب: وكان فيما.
(٩) ليس في ب.
(١٠) ب: حصر.
(١١) أ: الإِفرنج.
(١٢) ب: فكنت.
(١٣) ليس في أ.
(١٤) ط: أمرك.
(١٥) ب: لا يطيعون.
(١٦) ب: بلغ.
(١٧) عن ب وحدها.
(١٨) ط: إِلى ربه.
(١٩) أ: وساءله.

<<  <  ج: ص:  >  >>