للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء، فامتنع السلطان من إِعادة عسقلان، وأطلق لهم القمامة، وفرض على الزُّوَّار مالًا يؤخذ من كل منهم، فامتنع الإنكليز إِلا أن تُعاد لهم عسقلان، ويعمّر سورها كما كانت (١)، فصمم السلطان على عدم الإجابه (٢).

ثم ركب السلطان في جيشه العرمرم حتى وافى يافا، فحاصرها حصارًا شديدًا، فافتتحها [وغنم جيشه منها شيئًا كثيرًا، وامتنعت القلعة، فبالغ في أمرها حتى هانت ولانت ودانت وكادت أن يبعثوا إِليه بأقاليدها (٣)] ويأخذوا (٤) الأمان لكبيرها وصغيرها (٥)، فبينما هم كذلك إِذ أشرفت عليهم مراكب الإنكليز (٦) على وجه البحر الزخَّار، فقويت رؤوسهم، واستعصت نفوسهم، وهجم (٧) اللعين فاستعاد البلد (٨) وقتل من تأخر بها من المسلمين صبرًا بين يديه، وتقهقر السلطان عن منزلة (٩) الحصار إِلى ما وراءها خوفًا على الجيش من معركة الفرنج (١٠)، فجعل ملك (١١) الإِنكليز يتعجب من شدة سطوة السلطان، وكيف فتح مثل هذا البلد العظيم في يومين، وغيره لا يمكنه فتحه في عامين، ويقول مع ذلك: ولكن ما ظننت أنه مع شهامته وصرامته يتأخر من منزلته بمجرد قُدُومي، وأنا ومن معي لم نخرج من البحر إِلا جرائد (١٢) بلا سلاح القتال ولا أُهبة النزال، ثم ألح في طلب الصلح وأن تكون عسقلان داخلة في صلحهم، فامتنع السلطان من ذلك أشد الامتناع، ثم إِن السلطان كبس في تلك الليالي الإِنكليز وهو في سبعة عشر مقاتلا، وحوله قليل من الرجَّالة فأكبَّ السلطان بجيشه حوله وحصره حصرًا لم يبق له (١٣) معه نجاة، لو صمم معه الجيش، ولكنهم نكلوا كلهم عن الحملة، فلا قوة إِلا بالله، وجعل السلطان يحرّضهم غاية التحريض، فكلهم يمتنع كما يمتنع من شرب الدواء المريض (١٤).


(١) ب: كان.
(٢) بعدها في ب: صلاح الدين.
(٣) عن ب وحدها.
(٤) أ، ب: وأخذوا.
(٥) ب: ووليدها.
(٦) أ: الكلبير، ب: الانكبار.
(٧) ط: فهجم.
(٨) ب: البلد إِليه.
(٩) أ: منزل.
(١٠) بعده في ب: ورعاعها.
(١١) عن ط وحدها.
(١٢) يقصد مجرّدين من السلاح.
(١٣) ليس في ط.
(١٤) أ: كما يمتنع الممتع من شرب الدواء، ط: كما يمتنع المريض عن شرب الدواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>