للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب إِلى الحجاز واليمن [والديار المصرية والشامية] (١) ليعلموا بذلك، ويتأهَّبوا (٢) له. فكتب إِليه القاضي الفاضل ينهاه عن ذلك، خوفًا على البلاد [من استيلاء الفرنج عليها، ومن كثرة المظالم بها] (٣)، [وفساد الناس والعسكر، وقلة نصحهم، وأن النظر في أحوال المسلمين خير لك عامك هذا] (٤)، والعدو المخذول مخيِّمٌ بعدُ بالشام، ولم يقلع منه مركب إِلى بلادهم، وأنت تعلم أنهم إِنما يتهادنون ليتقوَّوْا (٥) ويكثروا، ثم يمكرون ويغدرون (٦)، فسمع السلطان منه، وشكر نصحه، [وقبله، وعزم على ترك الحج عامه ذلك] (٧)، وكتب به إِلى سائر الممالك، واستمر السلطان مقيمًا بالقدس جميع شهر رمضان، في صيام وصلاة وقرآن، وكلما وفد أحد من رؤساء النصار] (٨) للزيارة، أولاه غاية الإكرام والإحسان، تأليفًا لقلوبهم، وتأكيدًا لما حلفوه من الأيمان، ورغبة أن يدخل في قلوبهم شيء من الإيمان، ولم يبق أحد من ملوكهم إِلا جاء لزيارة القمامة متنكرًا، ويحضر سماط السلطان فيمن يحضر من جمهورهم، بحيث لا يُرى، والسلطان يعلم (٩) ذلك جملة لا تفصيلًا، ولهذا كان يعاملهم بالإكرام، ويريهم صفحًا جميلًا، وبرًا جزيلًا، وظلًا ظليلًا.

فلما كان في خامس شوال ركب السلطان في عساكر (١٠) وجحافله، فبرز من القدس الشريف قاصدًا دمشق المحروسة واستناب [على القدس] (١١) عز الدين جرديك (١٢) وعلى قضائها بهاء الدين (١٣) بن يوسف بن رافع بن تميم الشافعي، فاجتاز على وادي الجيب، وبات على بركة الداوية، ثم أصبح في نابلس، فنظر في أحوالها وأمورها، ثم ترحّل عنها، فجعل يمرّ بالمعاقل (١٤) والحصون والبلدان [للنظر في الأحوال والأموال، وكشف المظالم والمحارم والمآثم، وترتيب المكارم] (١٥).


(١) ط: مصر والشام.
(٢) ب: وليتأهبوا.
(٣) ليس فى أ.
(٤) أ، ب: الفساد وسد ثغورهم ومصادرة أعيانهم في هذا الوقت أفضل لك مما عزمت عليه عامك هذا.
(٥) أ، ب: ليتفقوا.
(٦) ط: ثم يمكروا ويغدروا.
(٧) ط: وترك ما عزم عليه.
(٨) ط: الفرنج.
(٩) ط: لا يعلم ذلك جملة ولا تفصيلًا.
(١٠) ط: العساكر.
(١١) ط: جورديك، وسترد ترجمته في حوادث سنة ٥٩٤ هـ من هذا الجزء.
(١٢) ب: عليها.
(١٣) هو القاضي بهاء الدين بن شداد. وسترد وفاته في حوادث سنة ٦٣٢ من هذا الكتاب.
(١٤) ط: بالقلاع.
(١٥) مكانهما في ط: فينظر في أحوالها ويكشف المظالم عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>