للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شعره: [من الطويل]

سلي البائسَ المقرورَ يا أُمَّ مالكٍ … إذا ما أتاني بين ناري ومجزري

أأبسط وجهي إنه أولُ القِرى … وأبذلُ معروفي له دون مُنْكَرِي (١)

وقال أيضًا: [من الطويل]

وإنكَ إن أعطيتَ بطنكَ سُؤْلَه … وفَرْجَك نالا منتَهى الذمّ أَجْمعا (٢)

وقال القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا (٣) الجريري: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدّثنا أبو العباس المبرد، أخبرني التَّوزي، عن أبي عُبيدة. قال: لما بلغ حاتم طيِّئ قول المتلمس:

قليلُ المالِ تُصلحهُ فيبقى … ولا يبقى الكثيرُ على الفَساد

وحِفظُ المال خيرٌ من فَناه … وعسفٍ في البلادِ بغير زاد

قال ماله قطع الله لسانه حمل الناس على البخل، فهلا قال: [من الطويل]

فلا الجودُ يُفني المالَ قبلَ فنائه … ولا البخلُ في مال الشحيح يزيد

فلا تلتمسْ مالًا بعيشٍ مُقَتّرٍ … لكلّ غدٍ رزقٌ يعودُ جديد

ألم تَرَ أنّ المالَ غادٍ ورائح … وأنّ الذي يُعطيك غيرُ بعيد (٤)

قال القاضي أبو الفرج: ولقد أحسن في قوله: وإن الذي يعطيك غير بعيد. ولو كان مسلمًا لرجي له الخير في مِعاده. وقد قال تعالى في كتابه: ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٢]. وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ (٥) [البقرة: ١٨٦].

وعن الوضّاح بن معبد الطائي قال: وَفَدَ حاتم الطائي على النعمان بن المنذر، فأكرمه وأدناه، ثم زوّده عند انصرافه جَمَلين ذهبًا وورِقًا غيرَ ما أعطاه من طرائف بلده، فرحل، فلما أشرف على أهله تلقته أعاريب طيّئ. قالت: يا حاتم أتيتَ من عند الملك بالغنى (٦) وأتينا من عند أهالينا بالفقر. فقال حاتم: هلم فخذوا ما بين يدي فتوزّعوه، فوثبوا إلى ما بين يديه من حباء النعمان فاقتسموه. فخرجت إلى حاتم


(١) ديوانه (٢٨٤).
(٢) ديوانه (١٧٤).
(٣) في كتابه الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي (١/ ٣٢٠ - ٣٢١)، (تحقيق د. محمد مرسي الخولي - عالم الكتب - بيروت - ١٩٨١).
(٤) ديوانه (٢٥٠).
(٥) الجليس الصالح الكافي (١/ ٣٢٠ - ٣٢١).
(٦) زيادة من ب.