للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمة في درع، وخمار، فشكين ذلك إلى أزواجهن، فذكروا ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنزلت الآية، ثم نهى الرسول صلّى الله عليه وسلّم الحرائر أن يتشبهن بالإماء، وهو ما في الآية التالية.

وقد ميز الله تعالى بين أذاه، وأذى الرسول، وأذى المؤمنين، فجعل الأول كفرا، والثاني كبيرة، وأطلق إيذاء الله ورسوله، وقيد إيذاء المؤمنين والمؤمنات؛ لأن إيذاء الله، ورسوله لا يكون إلا بغير حق أبدا، وأما إيذاء المؤمنين والمؤمنات، فمنه بحق ومنه بغير حق، ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (النساء) رقم [١١٢]: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً}. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَالَّذِينَ:} الواو: حرف عطف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، والجملة الفعلية بعده صلته. {وَالْمُؤْمِناتِ:} معطوف على ما قبله منصوب مثله، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {بِغَيْرِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {مَا:} نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل جر بإضافة: (غير) إليها، واعتبارها موصولة، أو مصدرية فيه ضعف، والجملة الفعلية بعدها صفتها، والرابط:

محذوف؛ إذ التقدير: بغير شيء اكتسبوه. {فَقَدِ:} الفاء: زائدة لتحسين اللفظ. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {اِحْتَمَلُوا:} فعل ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق.

{بُهْتاناً:} مفعول به. {وَإِثْماً:} معطوف على ما قبله. {مُبِيناً:} صفة له، والجملة الفعلية:

{فَقَدِ احْتَمَلُوا..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، وزيدت الفاء في الخبر؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، والجملة الاسمية: (الذين...) إلخ معطوفة على الجملة الاسمية (إن...) إلخ لا محل لها مثلها.

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩)}

الشرح: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ:} انظر الآية رقم [١]. {قُلْ لِأَزْواجِكَ:} انظر الآية رقم [٢٩].

{وَبَناتِكَ:} الأربع، وكلهن من خديجة، رضي الله عنها. وهن: زينب، رضي الله عنها، وهي أكبر بناته صلّى الله عليه وسلّم تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع، واسمه: لقيط. وقيل: هاشم. وتوفيت سنة ثمان من الهجرة. ورقية خطبها قبل النبوة عتبة بن أبي لهب، فلما بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنزل الله عليه: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ..}. إلخ أمره أبوه بالإعراض عنها، فتزوجها عثمان، رضي الله عنه، وهاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين، وولدت منه غلاما، سماه: عبد الله وبه يكنى، وتوفيت ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان في غزوة بدر، فلم يشهد دفنها. والثالثة أم كلثوم، رضي الله عنها، خطبها قبل النبوة عتيبة أخو عتبة بن أبي لهب، ثم أمره أبوه أن يعرض عنها للسبب

<<  <  ج: ص:  >  >>