للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا لم يعد العلماء تفسير التابعين ولا تفاسير الصحابة من التفاسير اللغوية، حتى ولو كان ما اجتهدوا فيه لغويا لهذا السبب وهو أن تفسيرهم باللغة كان عن طبع ولم عن اجتهاد، فسروا في اللغة صحيح اجتهدوا في اللغة التي هي طبعهم وهي سليقتهم لا اللغة التي تعلموها كما هو صنيع المتأخرين، ولذلك لا تجد في تفسيرهم باللغة تفسيرا بالنحو لا تجد فيه التفسير البلاغي لا تجد فيه تفسير ألفاظ اللغة عن طريق الاشتقاق الذي كان عند المتأخرين، وإنما هو بالسليقة العامة التي ينقلون فيها الكلام عن الصحابة أو عن من أدركوه من أصحاب السليقة العربية.

تفاسير التابعين قد يكون فيها اختلاف، وقد ذكر لك المصنف الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى أن ما اختلفوا فيه فيندر أو يقلّ أن يكون فيه اختلاف تضادّ في التفسير الواحد وإنما يكون التنوع في العبارات والمآل واحد، إما أن يكون بعضهم جاء بالعموم وبعضهم خص، بعضهم جاء بفرد من الأفراد والآخر أتى بالكل، واحد جاء بالكل وآخر جاء بالجزء، وهكذا فيما اختلفوا فيه اختلاف تنوع.

المسألة الثالثة التي طرقها مسألة خيالية لا مصير إليها وهي مسألة الإجماع في التفسير، والتابعون صعب بل لا أذكر أحدا من أهل العلم قال أجمع التابعون على أن تفسير هذه الكلمة هي كذا؛ لكن شيخ الإسلام فيما ذكر هذا بناء على تنظيره المعتاد أنهم إن أجمعوا على شيء فالحجة فيما أجمعوا عليه؛ لكن في الواقع لم ينقل عنهم الإجماع في تفسير آية، وإنما الصحابة رضوان الله عليهم نقل أما التابعون فإنهم لم ينقل عنهم أنهم أجمعوا في تفسير كلمة أو آية أنها كانت تفسر بكذا.

ولهذا صار خلاف المفسرين والأئمة في التفسير بتفسير التابعين سائغا لأنهم اختلفوا، وإذا كان كذلك فيرجع فيه المجتهد في التفسير إلى الحجة من القرآن أو الحجة من السنة أو طرق التفسير الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>