وأرى من عصاك أصبح محرو ... باً وكعب الذي يطيعك عالِ
ولقد أسبي الفتاة فتعصي ... وكل واش يريد جزم حبالِ
يريد: رأيت وسبيت. والوجه الثاني: أن الكلمة إن دلت على معنى في نفسها، واقترنت بزمان ففعل، فإن كان الزمان الذي دلت عليه ماضياً فالفعل ماض، وإن كان للحال والاستقبال فالفعل مضارع، وإن كان مستقبلاً فقط فالفعل أمر، كما هو مقرر في موضعه؛ فلو عبر بالمضارع وقال: لا ألبس، مثلاً، لاحتمل أنه قصد النفي في الحال فقط، أو فيما يستقبل فقط، لأن ذلك جرى في لسانهم، ومنه {لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ}[سورة التوبة آية: ٩٢] ، {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ}[سورة الأنبياء آية: ٤٧] ، واحتمل وقوع استثناء يعقبه، فلما عبر بالماضي زال الاحتمال، وانقطع التوقع، وقصد المعنى الأصلي، وهو النفي في الماضي، لئلا يتوهم النفي في الحال والاستقبال؛ تقول: لا لبست، لا ضربت، لا ظلمت، قاصداً الحال والاستقبال، بخلاف: ما ضربت، ما لبست، فإنها للنفي في الماضي. وقولك: ما معنى النفي في قولهم: لا قتلت الميت؟ فالذي في الحلف بالطلاق وتعلقه بالمستحيل:"لأقتلن" بلام التوكيد الموطئة للقسم، والفعل بعدها مؤكد بنون التوكيد الثقيلة، ولا نفي فيها؛ فتنبه!