للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد، وقيل: بتغاير موصوفيهما وهو أشهر؛ فقيلك المسكين أشد حاجة من الفقير، وقيل: العكس، وهو أظهر، فإن الفقير أشد حاجة، فإنه من لا يجد الكفاية، والمسكين من لا يجد تمام الكفاية.

ومما يدل على ذلك: الاشتقاق، فإن الفقير: فعيل بمعنى: مفعول، من الفقر، وهو انقطاع الظهر، فكأنه لشدة فاقته قد انقطع ظهره. وأما المسكين فهو مفعيل من السكون وهو عدم الحركة، فكأنه لحاجته، وعدم ما يتصرف فيه بقي لا حركة له. ومن المعلوم أن الأول، وهو انقطاع الظهر يستلزم الثاني، وهو السكون وترك الحركة، بخلاف العكس.

ومما يدل عليه أيضاً: البداءة بالفقير في الآية؛ والقرآن نزل بلغة العرب، وهم إنما يبدؤون بالأهم، قال سيبويه: العرب لا يبدؤون إلا بما هم به أعنى وبشأنه أهم.

وهذا الفرق إنما هو عند اقتران الاسمين كما في آية الصدقات، وأما إذا أفرد أحدهما فإنه يدخل فيه الآخر، كقوله: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ} [سورة البقرة آية: ٢٧١] ، فإنه يدخل فيه المسكين، وكقوله: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [سورة البلد آية: ١٦] ، فإنه يدخل فيه الفقير؛ ولهذا نظائر، كالإسلام والإيمان، وغير ذلك مما يختلف مدلوله بالاقتران والانفراد.

وأما مسألة إرسال زكاة مالك إلينا بخصوصها، فاعلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>