سبعة أشهر يقصرون؛ ومعلوم أن مثل هذا الجهاد والحصار يعلم أنه لا ينقضي في أربعة أيام.
وقد قال أصحاب أحمد: لو أقام لجهاد عدو أو حبس سلطان أو مرض، قصر، سواء غلب على ظنه انقضاء الحاجة في مدة يسيرة أو طويلة؛ وهذا هو الصواب، لكن شرطوا فيه شرطاً لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا عمل الصحابة، فقالوا: شرط ذلك احتمال انقضاء حاجته في المدة التي لا تقطع حكم السفر، وهي: ما دون الأربعة الأيام. فيقال: من أين لكم هذا الشرط؟ والنبي صلى الله عليه وسلم لما أقام زيادة على الأربعة الأيام يقصر بمكة وتبوك لم يقل لهم شيئاً، ولم يبين لهم أنه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة أيام، وهو يعلم أنهم يقتدون به في صلاته، ويتأسون به في قصرها في مدة إقامته، فلم يقل لهم حرفاً واحداً: لا تقصروا فوق إقامة أربع ليال، وبيان هذا من أهم المهمات، وكذلك اقتداء الصحابة بعده، ولم يقولوا لمن صلى معهم شيئاً من ذلك.
ثم ذكر أقوال الناس، ثم قال: والأئمة الأربعة متفقون على أنه إذا أقام لحاجة ينتظر قضاءها، يقول: اليوم أخرج، غداً أخرج، فإنه يقصر أبداً، إلا قول الشافعي في أحد قوليه: فإنه يقصر عنده إلى سبعة عشر، أو ثماني عشر، ولا يقصر بعدها. وقد قال ابن المنذر في إشرافه: أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر ما لم يجمع إقامة، وإن أتى عليه سنون. انتهى. وهذا الإجماع الذي حكاه ابن المنذر فيه نظر