للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعلم أن هذه مسألة اختلف العلماء فيها قديماً وحديثاً: فذهب عمر بن الخطاب، وأبو هريرة، وعبد الرحمن بن عوف، أن ذلك لا يجوز، فإن صام أمر بالإعادة؛ قال أحمد، رحمه الله: عمر وأبو هريرة يأمرانه بالإعادة. وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن بن عوف، أنه قال: " الصيام في السفر كالفطر في الحضر "، وهو قول أبي محمد بن حزم وغيره من أهل الظاهر، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: " ليس من البر الصوم في السفر " ١، متفق عليه. ولأنه صلى الله عليه وسلم " أفطر في السفر، فلما بلغه أن قوماً صاموا، قال: أولئك العصاة " ٢. وروى ابن ماجة بإسناده: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصائم في رمضان في السفر كالمفطر في الحضر " ٣.

قال في الشرح: وعامة أهل العلم على خلاف هذا القول، قال ابن عبد البر: هذا قول يروى عن عبد الرحمن بن عوف، هجره الفقهاء كلهم، والسنة ترده، وحجتهم ما روي عن حمزة بن عمرو الأسلمي: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إن شئت فصم " ٤، متفق عليه. وحديث أنس: " كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم " ٥، متفق عليه. قال: وأخبارهم محمولة على تفضيل الفطر. انتهى.

ففي هذا دليل على أن الشارح وغيره من الأصحاب، وافقوا على نفي الاستحباب; ومن تأمل أدلة الفريقين حق


١ البخاري: الصوم (١٩٤٦) , ومسلم: الصيام (١١١٥) , والنسائي: الصيام (٢٢٥٧, ٢٢٥٨ ,٢٢٦٠, ٢٢٦١, ٢٢٦٢) , وأبو داود: الصوم (٢٤٠٧) , وأحمد (٣/٢٩٩, ٣/٣١٧, ٣/٣٥٢, ٣/٣٩٨) , والدارمي: الصوم (١٧٠٩) .
٢ مسلم: الصيام (١١١٤) , والترمذي: الصوم (٧١٠) , والنسائي: الصيام (٢٢٦٣) .
٣ النسائي: الصيام (٢٢٨٥) , وابن ماجة: الصيام (١٦٦٦) .
٤ البخاري: الصوم (١٩٤٣) , ومسلم: الصيام (١١٢١) , والترمذي: الصوم (٧١١) , والنسائي: الصيام (٢٣٠٦, ٢٣٠٧, ٢٣٠٨, ٢٣٨٤) , وأبو داود: الصوم (٢٤٠٢) , وابن ماجة: الصيام (١٦٦٢) , وأحمد (٦/٤٦, ٦/١٩٣, ٦/٢٠٢, ٦/٢٠٧) , والدارمي: الصوم (١٧٠٧) .
٥ البخاري: الصوم (١٩٤٧) , ومسلم: الصيام (١١١٨) , وأبو داود: الصوم (٢٤٠٥) , ومالك: الصيام (٦٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>