فاقتضى أن السالف للقابض، وأن أمره إلى الله ليس للغريم فيه أمر، وذلك أنه لما جاءه موعظة من ربه فانتهى، كان مغفرة ذلك الذنب والعقوبة عليه، وأمره إلى الله إن علم من قلبه صحة التوبة غفر له وإلا عاقبه، ثم قال:{اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[سورة البقرة آية: ٢٧٨] فأمر بترك الباقي ولم يأمر برد المقبوض، وقال:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}[سورة البقرة آية: ٢٧٩] إلا أنه يستثنى منها ما قبض، وهذا الحكم ثابت في حق الكافر، إذا عامل كافرا بالربا، وأسلما بعد القبض، وتحاكما إلينا، فإن ما قبضه يحكم له به، كسائر ما قبضه الكافر بالعقود التي يعتقدون حلها.
وأما المسلم: فله ثلاثة أحوال، تارة يعتقد حل بعض الأنواع باجتهاد أو تقليد، وتارة يعامل بجهل ولا يعلم أن ذلك ربا محرم وتارة يقبض مع علمه بأن ذلك محرم، أما الأول والثاني ففيه قولان: إذا تبين له فيما بعد أن ذلك ربا محرم، قيل يرد ما قبض كالغاصب، وقيل لا يرده وهو أصح، لأنه إذا كان معتقدا أن ذلك حلال، والكلام فيما إذا كان مختلفا فيه، مثل الحيل الربوية، فإذا كان الكافر إذا تاب يغفر له ما استحله، ويباح له ما قبضه فالمسلم إذا تاب أولى أن يغفر له، إذا كان أخذ بأحد قولي العلماء في حل ذلك، فهو في تأويله أعذر من الكافر في تأويله.
وأما المسلم الجاهل، فهو أبعد لكن ينبغي أن يكون كذلك، فليس هو شر من الكافر، وقد ذكرنا فيما يتركه من