الواجبات، التي لم يعرف وجوبها، هل عليه قضاء؟ قولين: أظهرهما لا قضاء عليه، وأصل ذلك، أن أصل الخطاب هل يثبت في حق المسلم قبل بلوغ الخطاب؟ فيه قولان في مذهب أحمد وغيره، ولأحمد روايتان فيما إذا صلى في معاطن الإبل، أو صلى وقد أكل لحم الجزور، ثم تبين له النص، هل يعيد؟ على روايتين.
وقد نصرت في موضع: أنه لا يعيد وذكرت على ذلك أدلة متعددة، منها: قصة عمر، وعمار، لما كانا جنبين، فصلى عمار ولم يصل عمر، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة; ومنها المستحاضة التي قالت: منعني الصوم والصلاة، ومنها الأعرابي المسيء في صلاته، الذي قال: والله ما أحسن غير هذا، أمره أن يعيد الصلاة الحاضرة، لأن وقتها باق، وهو مأمور بها، ولم يأمره بإعادة ما صلى قبل ذلك، ومنها الذين أكلوا حتى تبين الخيط الأبيض من الأسود، ولم يأمرهم بالإعادة.
والشريعة: أمر ونهي، فإذا كان حكم الأمر لا يثبت إلا بعد بلوغ الخطاب، فكذلك النهي، فمن فعل شيئا لم يعلم أنه محرم، ثم علم، لم يعاقب؟ وإذا عامل بمعاملات ربوية يعتقدها جائزة، وقبض منها ما قبض، ثم جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف، ولا يكون شرا من الكافر، والكافر إذا غفر له ما قبضه لكونه قد تاب، فالمسلم بطريق الأولى، والقرآن يدل على هذا بقوله: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ