للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسئل أيضا: إذا خاف صاحب الدين عدم الوفاء، فطلب من الغريم أن يعطيه الثمرة عما في ذمته؟

فأجاب: إذا كان الأمر كذلك، جاز أن يأخذ الثمرة خرصا على رءوس الشجر، إذا كان دون حقه، ودليله ما أشرت إليه من حديث جابر، قال البخاري - رحمه الله - تعالى: باب إذا قاصه أو جازفه في الدين فهو جائز ; وساق حديث جابر: " أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقا لرجل من اليهود فاستنظره جابر فأبى أن ينظره، فكلم جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ليشفع له إليه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخله بالذي له فأبى " ١ وساق الحديث بتمامه، وبه استدل ابن عبد البر أيضا وغيره من العلماء رحمهم الله، على جواز ذلك، فلا بد من تحقق الشرط المذكور.

وأما إذا كان يحتمل أنه دون حقه أو أكثر، فهذا لا يجوز لما عرفت من الحديث الصحيح " من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم " ٢ هذا هو الأصل، ودل حديث جابر على جواز أخذها خرصا، لما في ذلك من الإرفاق بالمدين وبراءة ذمته من الدين، بأخذ الغريم له ناقصا.

وأجاب ابنه الشيخ عبد اللطيف: حديث جابر حديث صحيح مشهور، خرجه الجماعة وترجم له تراجم متعددة، بحسب ما تضمن من الفقه ; فقال البخاري: باب إذا قاصه أو جازفه في الدين تمرا بتمر وغيره وذكره، وقال باب إذا قضى دون حقه فهو جائز، وكذلك أهل السنن وسياقهم متقارب،


١ البخاري: في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (٢٣٩٦) , وابن ماجه: الأحكام (٢٤٣٤) .
٢ الترمذي: البيوع (١٣١١) , والنسائي: البيوع (٤٦١٦) , وأحمد (١/٢٢٢) , والدارمي: البيوع (٢٥٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>