للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلدهم العامرة، ولو مسيرة ميل؟

فأجاب: الذي تصور لنا في هذه المسألة، أن الأرض المذكورة لم يعرف أنه أجرى عليها إحياء أصلا، ولا هنا إلا مجرد دعوى هذا الشخص، أن آباءه تسموا عليها، وادعوا أنها ملكهم من غير إحياء، فإن كان الأمر كذلك، فاعلم: أن هذه الأرض باقية على حكم الموات، فمن أحياها - والحالة هذه - ملكها بإجماع العلماء، القائلين بملك الأرض الموات بالإحياء، قال في الشرح الكبير: ما لم يجر عليه ملك لأحد، ولم يوجد فيه أثر عمارة، فهذا يملك بالإحياء، بغير خلاف بين القائلين بالإحياء، لأن الأخبار المروية متناولة له، كحديث جابر مرفوعا " من أحيا أرضا ميتة فهي له " ١ رواه أحمد والترمذي وصححه، وعن سعيد بن زيد مرفوعا مثله، رواه أبو داود، والترمذي وحسنه، وعن عائشة مثله، رواه مالك وأبو داود; قال ابن عبد البر: هو متلقى بالقبول عند فقهاء المدينة وغيرهم، إلى غير ذلك من الأحاديث، وقال في المبدع: الموات إذا لم يجر عليه ملك أحد، ولم يوجد فيه أثر عمارة، فإنه يملك بالإحياء، انتهى.

ونقل أبو الصقر عن أحمد، في أرض بين قريتين، ليس فيها مزارع ولا عيون وأنهار، تزعم كل قرية أنها لهم ; فإنها ليست لهؤلاء، ولا لهؤلاء، حتى يعلم أنهم أحيوها; فمن أحياها فهي له، فعرفت: أن مجرد دعوى أنها ملك لهم، من غير إحياء، لا تصير به الأرض ملكا لهم، بل هي باقية على


١ الترمذي: الأحكام (١٣٧٨) , وأبو داود: الخراج والإمارة والفيء (٣٠٧٣) , ومالك: الأقضية (١٤٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>