للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل، وهذا مما لا يمتري فيه أحد; وقد ذكر كثير من الأصحاب، ما ذكر الشارح، وصاحب المبدع.

وأما قولك: وأشكل علينا هذا، مع قول الفقهاء: من تحجر مواتا فهو أحق به; فكأنك ظننت أن التحجر هو مجرد التسمي عليه بالملك ودعواه، فاعلم: أن الأمر ليس كذلك، قال في الإقناع: ومن تحجر مواتا، بأن حفر بئرا ولم يصل إلى مائها أو أدار حول الأرض ترابا، أو حجرا أو جدارا صغيرا، لم يملكه بذلك، وهو أحق به، انتهى باختصار.

وقال في الشرح الكبير: تحجر الموات: الشروع في إحيائه، مثل أن يدير حول الأرض ترابا، أو أحجارا، أو يحيطها بجدار صغير، فلا يملكها بذلك، لأن الملك بالإحياء، وليس هذا إحياء، لكن يصير أحق الناس به، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به " رواه أبو داود وغيره فعرفت: أن مجرد دعوى أنها ملكهم من غير إحياء لا يملكونها به، وأن دعواهم أنها ملكهم ليس من التحجر، وأن التحجر هو الشروع في الإحياء على ما وصفنا، فبطلت دعواهم، وبقيت سالمة من الاختصاص وملك معصوم، فتملك بالإحياء.

وقولك: إن الفقهاء قالوا إن أحياه غيره ملكه; ليس كذلك على الإطلاق، قال في الإقناع: فإن لم يتم إحياءه وطالت المدة عرفا كثلاث سنين، قيل له: إما أن تحييه، وإما

<<  <  ج: ص:  >  >>