للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولك: وأكثر الأرض سواء قربت من العمران أو بعدت، لا تخلو ممن يدعي ملكه، حتى إنهم في الجاهلية يمنعون من رعي الأرض إلا بثمن، فقد ذكر الفقهاء أن الأرض لا تملك إلا بالإحياء، وذكروا ما يثبت به الإحياء، واختلفوا هل تملك بالتحجر أم لا؟ فذهب طائفة إلى أنها لا تملك بذلك، وهو المذهب المشهور عن أحمد، وهو قول الجمهور; وعن أحمد رواية أنها تملك بالتحجر، ذكرها الحارثي واختارها، وذكر من صور التحجر كما نقلناه، وليس الدعوى بأنها ملك لهم مع إقرارهم بأنهم لم يحيوها من الإحياء، ولا من التحجر، فتبقى الأرض على الإباحة.

وسئل: عن إطلاقهم ما قرب من العامر؟

فأجاب: ظاهر كلامهم لا فرق في ذلك بين الزرع ونحوه، ولا بين الدور، والمعنى يقتضي ذلك; والأصل: أن ما قرب من العامر وتعلق بمصالحه لا يملك، وحديث: " من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له " فمفهومه: أن ما تعلق به حق مسلم لا يملك بالإحياء، لأنه تابع للمملوك; فإذا عرفت ذلك، فمتى وجد هذا المعنى في الزرع، وتعلق ما قرب منه بمصالحه، لم يملك لما ذكرنا.

قال في الشرح: كل ما تعلق بمصالح العامر من طرقه ومسيل الماء، ومطرح قمامته وملقى ترابه وآلاته، لا يجوز إحياؤه بغير خلاف في المذهب، وكذلك ما تعلق بمصالح

<<  <  ج: ص:  >  >>