مقامين: الأول: أن المسلم العاصي بمسابلة هذه البلدة المذكورة، مستحق الأدب والنكال بالحبس والضرب، وأخذ ماله وإتلافه، وإن حسّس على المسلمين علماً يضرهم أبيح دمه وماله، بإجماع العلماء من الأمة المحمدية، ويصير أدباً لأمثاله.
وأنسب ما يعاقب به العاصي بنقيض قصده: فإن كان الذي حمله على هذا حب المال، والاستكثار منه، فيؤدب بأخذه منه وإتلافه، كما هو مستفاد من شريعته صلى الله عليه وسلم: لما غل الغال حرق متاعه، وأخذ مصحفه وبيع وأخذ ثمنه، وضرب؛ وفعله الخلفاء الراشدون. ولما حمل القاتل لمورثه الاستعجال على المال، عوقب بنقيض قصده، وحرم الإرث. ولما استعجل الناكح في العدة، عوقب بتحريمها عليه. ولما استشغل المتخلفون عن الصلاة في بيوتهم أراد أن يحرقها عليهم لولا الذرية.
ولما أساء الشافع في السلب على أمير السرية، عاقب المشفوع له بمنعه منه. ولما أخذ السارق من التمر، عاقبه بضعف الثمن مرتين. ولما كتم صاحب المال الزكاة، أخذ شطر ماله.
وهذا كله يدل على جواز العقوبات المالية، وأخذها، عزمة من عزمات ربنا. وعلى أن الأنسب معاقبة العاصي بنقيض قصده، لأن العقوبات الشرعية مقدرة، وغير