فإن قيل: فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يذم أبا بكر على التشبيه، بل شبهه بإبراهيم وعيسى وميكائيل، عليهم السلام، وشبه عمر بجبريل ونوح وموسى عليهم السلام. قيل: المراد في الموافقة في أهل اللين والرحمة، لا في خصوص هذه المسألة، فإن الصواب فيها مع عمر قطعاً بكتاب الله، ومع ذلك توعد الله في أخذ الفداء بالعذاب، لولا ما سبق من كتاب الله أنه رأي للصديق رضي الله عنه الذي اجتهد فيه، فكيف بمن ينصح لهم، ويرفق بهم، ويرى الكف عن القتال، ويشير بإسقاط النكال عنهم من غير مسوغ شرعي، بل لمجرد المحبة الدنيوية؟
وأما من يشير بكف المسلمين عنهم، فإن كان مراده بذلك تأليفهم، على الدخول في الإسلام، أو دخلوا فيه، أو واعدوه بالدخول فيه عن قريب، وكانت المصلحة في تركهم قليلة ونحوه، يجوز ذلك; وإن كان المراد به: أن لا يتعرض المسلمون لهم بشيء، لا بقتال ولا نكال، وإغلاظ ونحو ذلك، فهو من أعظم أعوانهم، وقد حصلت له موالاتهم مع بعد الديار، وتباعد الأقطار، كما قيل:
سهم أصاب وراميه بذي سلم ... من بالعراق لقد أبعدت مرماك
وأما من يشير بترك نقائص المسلمين لهم إن كانوا مرتدين، فهذا عند الفقهاء مخطئ آثم، لأنه يجب على