للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين لله، والاستغاثة به، وأنهم لا يستغيثون إلا إياه، لا يستغيثون بملك مقرب، ولا نبي مرسل، فلما أصلح الناس أمورهم، وصدقوا في الاستغاثة بربهم، نصرهم على عدوهم، نصرا لم يتقدم نظيره، ولم يهزم مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلا، لما صح من توحيد الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم يكن قبل ذلك.

فإن الله ينصر رسله، والذين آمنوا في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، كما قال تعالى في يوم بدر: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} ١ وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر كان يقول: "يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث "،وفي لفظ " أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك " ٢.

وهؤلاء يدعون الميت والغائب، فيقول أحدهم: بك أستغيث، بك أستجير، أغثنا، أجرنا، ويقول: أنت تعلم ذنوبي، ومنهم من يقول للميت: اغفر لي وارحمني، وتب علي، ونحو ذلك؛ ومن لم يقل من عقلائهم، فإنه يقول: أشكو إليك ذنوبي، وأشكو إليك عدوي، وأشكو إليك جور الولاة، وظهور البدع، وجدب الزمان، أو غير ذلك.

فيشكو إليه ما حصل من ضرر في الدين والدنيا، ومقصوده بالشكوى: أن يشكيه، فيزيل ذلك الضرر عنه؛


١ سورة الأنفال آية: ٩.
٢ أبو داود: الأدب (٥٠٩٠) , وأحمد (٥/٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>